الأحد ٧ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

قارِعَةُ الانْتِظارِ

عبد الحكيم البقريني

ق

اَلسّافِرَةُ تَعْتَذِرْ،
وَاللّيْلُ أَطْوَلْ مِنْ عُمرِ انْتِظاري...
أَطْوَل مِنْ أَجَلٍ.
أَجَلٌ:
فَالْقَلْبُ ما يَقْرَعُهُ غَيْر الْقَلْبِ،
وَاللّيْلُ ما يُفْنيهِ غَير الاصْباحِ.

ا

اَلْمَوْعِدُ عيدٌ، بِلا رايات
ا...
ل...
غَ...
را...
م.
يُصْبِحُ الْاحْتِفالُ أَسْوَدَ مِنْ عَيْنَيْكِ،
إِذّاكَ يُعانِقُ اللّيْلُ الْانْتِظارَ
فَتُناديني السّافِرَةُ: عُذْراً
فَأَرْثي قَلْبي،
وَأُرَدِّدْ تَعاليمَ أُمّي.

ر

رَأْفَةً بي، فَقارِعَتي مَوْتٌ في الْعَراءِ...
حَياةٌ في الْهَراءِ.
أَنْتِ قارِعَتي، فَاقْرَعي قَلْبي بِخِصْلاتِ شَعْرِكِ.
وَامْضي بي خَلْفَ الدّمارِ،
خَلْفَ الْمَوْتِ عَنْدَليبٌ يُغَنّي
غِنْوَةَ النّدَمِ..
وَصايا الأُمّ.

ع

بِمَ عُدْتَ يا عيدُ؟ بِما مَضى؟ أَمْ بِجَديدُ...
لا عيدُ،
فَالْقَلْبُ أَحَبَّ الرِّثاءْ.
مَضى يَحْكي دُجاهُ لِصُبْحٍ بَعيدٍ...
مَضى حامِلاً عَبيرَ الْياسَمينِ وَقُفَّةَ الْقُبُلاتِ،
لا يَدْري
خُطو.... اتٍ.
سَيُكَسِّرْ صَمْتَ الْوادي،
بِقا...
فِ...
يَةٍ.

ــة

السّافِرَةُ تَعْتَذِرْ
عَبيرُ الْوَصْلِ يَعْتَذِرْ،
نُؤاكِ أَقْرَب لِلَيْلي..
وَلِقَلْبي انْتِظارٌ.
سافِرَةْ..
بِلا راياتِ الْغَرامِ قَصيدي عُقْمُ..
لَيْلي طَويلٌ جُبْتُهُ باحِثاً
عَمّا وراءَ الشَّفَتَيْنِ...
وَما تُخْفيهِ قَصيدَةٌ أطْوَل مِنْ شَعْرها.
سافِرَةْ..
عُمْرُ لَيْلي سَبْعَ عَشْرَةَ،
فَهَلاَّ أدْرَكْتِ
ق...
صـ...
ي...
د...
ي.

ا

إِذْ قَرَعْتُ بابَ الصّمْتِ انْجَلى صُبْحي...
لَمَحْتُكِ تَرُقُصينْ بَيْنَ تَجاعيدِ الْقَصيدَةْ.
قارِعَةْ:
خُطُواتي تَحْمِلُني؛ بِقَليلٍ مِنَ الْحَذَرِ،
أمْتَدُّ إِلى مَوْعِدِ اللِّقاءِ.
مِنِّي تَسْخَرُ الْعَنادِلْ، فَأَمْضي إِلى...
أَرْضٍ بِلا لَيْلٍ
خُطُواتي تَحْمِلُني لِأُعانِقْ فَراغي،
وَحْدَتي في زَمَنِ الْوَ... صْلِ.

ل

اَلْمَوْعِدُ مَوْعِدٌ لِلْجِراحِ
بِكَفِّ الْأمّ تَحْلو التَّحِيَّةْ.
بِعَيْنَيْها نُوَدِّعْ هَمْسَةَ اللّيْلِ،
نَحْتَضِنْ قَصيدَةْ نَفَذَتْ لِتُكَسِّرْ مَسائي الْأخيرْ.
وَعَدَتْني أنْ:
تحْرِقَ اللَّيْلَ...
تَبْحَثْ عَنّي...
تَحْتَفِلْ بِعيدِ الشُّموعِ، وَقَواريرَ مِنْ ذَهَبْ.
وَدَّعَتْني كَما:
فَطَمَتْني أمّي بِصحْنٍ مِنْ:
ذا...
ك...
ر...
تي.

ا

فَلْنُعَدِّدْ خُطواتنا... مَواعيدنا، كَيْ نُصَلّي
لِلْاِعْتِذارِ.
لِجَحيمي...
لِذاكٍرَتي.
وَنُرَدِّدْ سِفْرَ الْعِشْقِ...
سِفْرَ الْمَواعيدِ...
سِفْرَ اللَّيْلِ.

ن

عَلَّمَتْني مَنْ أكَلَتْ تُفّاحَةَ قَلْبي؛
أنَّ الْقَلْبَ في حَضْرَةِ الْمَرْأةِ قَلْعَةٌ تَحْتَضِرْ...
عَلّمَتْني فِقْهَ الصّمْتِ،
عَلَّمَتْني...
عَلَّمَتْني... الْاِنْتِظارْ،
وَأنْ أحْرِقَ اللَّيْلَ بِجَمْرٍ مِنْ ضُلوعي.
خَدَعَتْني إِذْ عَلَّمَتْني أصولَ الطّهارةِ...
وَانْتِظارَ الْمَواعيدِ،
في قارِعَةٍ لا تَقْبَلُ الْاِنْتِظارْ.

ت

صَباحاٌ. تَمْتَدُّ قَواريرُ ذاكِرَتي.
فَأَعْصُرْ ما تَبَقّى مِنْ كَلِماتي...
لا ذاكِرَةْ لي الْيَوْمَ...
لي اعْتِذارٌ.
لي عَلْقَمَةٌ تَسْري في ضُلوعي لَيْلاً...
لي مَواعيدُ الْجِراحْ.
وَقَلْبٌ لا تَسْتَهْويهِ اللَّيالي الْمِلاحْ..
لي قارِعَةٌ تُصَلّي...
لِلْاِعْتِذارِ...
لِجَحيمي...
لِذاكِرَتي.

ظ

خَلْفَ السّافِراتِ مِرْ... آ... تي...
تَلْعَنُني شَفَتي إذْ تَعَقَّبْتُ خُطْواتي
أوْ عانَقْتُ دَقّات لَيْلي...
لا وَقْتاً لي لِلْوِصالِ فَذاكِرَتي لا تَطيقُ الْاِنْتِظار.
وَصَمْتي صَدى عُقمي...
بارِحَةٌ لَمّا أنْجَبَتْني قَصيدَتي... بَعْثَرْتُ مائي،
لِئَلاّ أمْتَدُّ أُخْرى...
لِئَلاَّ أعانِقْ جُرْحَ الطَّبيعَةْ، فَأغْرَقْ في سُيولِ،
ا...
ل...
م...
را...
ثي...

ا

سَوادُ اللَّيْلِ في حَضْرَةِ الْقَصيدةْ، بَياضٌ.
عَهْداً لِلْوُعودِ الْكاذِبَةْ،
لِلْعيدِ...
وَلِلَيْلٍ أطْوَل مِنْ خِصلاتِ شَعْرِكِ،
لِمَراثِيَّ...
عَهْداً للتّعاليمِ السّبْعِ.
سَأشْعِلْ نارَ الْعِشْقِ خَلْفَ الدّمارِ،
بَيْنَ صَفَحَةِ الْأُمِّ وَآهاتِ الْحَبيبَةْ.
وَأُدْفِئْ ضَلْعَةً كانَتْ مِنّي في الْمَساءِ الْأَخيرْ.

ر

السّافِرَةُ تَعْتَذِرْ
وَأنا عَلى أرْضٍ لا تَأْوي الْغُرَباءْ،
أَرْضٍ لا تَقْبَلُني.
في غَياباتِ اللَّيْلِ تَقْذِفُ بي،
في قارِعَةِ الْاِنْتِظارِ..
يَقْتُلُني حُزْني..
يُحْييني حَبِّي.

عبد الحكيم البقريني

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى