الأربعاء ٨ أيار (مايو) ٢٠٢٤

قصص الأطفال بالمغرب

صدر عن منشورات باب الحكمة بتطوان طبعة جديدة من كتاب "قصص الأطفال بالمغرب" للناقد المرحوم محمد أنقار. ويعد هذا المؤلف دراسة أكاديمية رصينة أثارت الانتباه إلى قصة الطفل بوصفها جنسا أدبيا طريفا، وإلى ظاهرة قصص الأطفال بالمغرب خلال الفترة الممتدة من سنة 1947 إلى غاية 1979. ولأهمية الكتاب النقدية البالغة، حيث يعد في أصله أول رسالة جامعية نوقشت بالمغرب عن قصص الأطفال، استطاع أن يحصل على جائزتين مغربيتين مهمتين هما: جائزة المغرب للكتاب فرع الدراسات الأدبية والنقدية واللسانية سنة 1998، ثم جائزة عبد الله كنون فرع الأدب المغربي سنة 1999.

يضم الكتاب ثلاثة أبواب وأحد عشر فصلا، إضافة إلى دليل لقصاصي الأطفال بالمغرب، وبيبليوغرافية وافية عن أدب الأطفال مغربيا وعربيا وعالميا. كما يتشكل من قسمين مهمين الأول نظري يجيب على أسئلة من قبيل ما هو الطفل؟ وما هي قصة الطفل؟ ويحاول أن يقدم رصدا لوضعية قصص الأطفال في فرنسا وإنجلترا وإسبانيا وألمانيا والدانمارك وروسيا ومصر وسوريا وفلسطين ولبنان وتونس، ليركز في الأخير حديثه النظري على مسيرة قصة الطفل المغربية من خلال تتبع الصحافة والقصص المنشورة. أما القسم التحليلي فيغوص في الخطة الأسلوبية التي من الممكن اعتمادها أثناء عملية التصوير القصصي. ومن خلال قراءة فاحصة تنظر في نماذج قصصية متعددة توقف هذا القسم أمام خمسة أنواع من الخطابات المميزة لقصص الطفل وهي: الخطاب التاريخي، والخطاب القيمي، والخطاب الشاعري، والخطاب الخارق، خطاب والمغامرة.

والحقيقة أن محمد أنقار لم يهتم بقصة الطفل من الناحية النقدية فقط، بل كانت له مساهمات إبداعية أيضا، فقد كتب ثلاث قصص للأطفال وهي: حلم الأرجوحة، والهاتف الذي له ذراعان، والكتكت الرومي. من هنا نقول إن أهمية كتاب "قصص الأطفال بالمغرب" ترجع إلى الأفق المعرفي الواسع لمحمد أنقار، الذي يجمع بين اجتهاداته "النقديه" التي حاولت صياغة تصورات تأصيلية جديدة لقصة الطفل، وبين تمكنه "الإبداعي" الذي ساعده على الإدراك العميق لطرق التعبير المختلف لهذا النوع السردي.

يقول محمد أنقار رحمه الله في مقدمة كتابه: "يعالج هذا الكتاب أدبية القصة النثرية بوصفها جنسا من بين أجناس أدب الأطفال، ويستبعد القصص الشعرية المركبة من جنسين متباينين، وحكايات الأطفال الشعبية المتداولة بين الصغار عن طريق المشافهة وكذلك القصص المدرسية المباشرة. وإذا كان الطابع العام لهذا الكتاب أدبيا خالصا، فالمعتقد أنه قادر مع ذلك على تكميل الوظيفة التعليمية التي يمارسها كثير من رجال التربية والإعلاميين ومؤلفي الكتب المدرسية في المغرب. إذ على الرغم من أهمية تلك الوظيفة التي بلغت شأوا بعيدا في الاستفادة من الدرس اللساني وجودة الإخراج والطباعة وتقدم وسائط الإعلام والتواصل؛ فإنها لم تفلح بعد في تحقيق الانسجام المنشود بين الطفل المتلقي والنصوص المقررة نظرا لعدم احتفائها الواضح بالبعد الأدبي وبالشروط الجمالية التي تقتضيها قصة الطفل. لذلك كانت قيمة هذا الكتاب متجلية في اقتراحها البديل الأدبي الذي من شأنه أن يجذب القراء الأطفال ويمتعهم إن هو اعتمد إلى جانب روعة الإخراج وجمال الرسوم ودقة التدرج اللغوي والتواصلي".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى