الاثنين ٢٩ أيار (مايو) ٢٠٠٦
المبدع عبد الله المتقي يهدينا "الكرسي الأزرق"

قصص قصيرة جدا... رؤى عميقة جدا...

مع الكرسي الأزرق يؤكد القاص والشاعر عبد الله المتقي تمكنه من "صنعة" الحكي القصير واللذيذ في آن، ففي حلة أنيقة، وضمن منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، صدر لهذا المبدع الرقيق مجموعة قصصية تضم بين دفتيها 58 قصة قصيرة جدا، تكثف المعنى وتجذره قويا في الأعماق، في تأشير دال على اتساع الرؤيا ولا ضيق العبارة.

ف "تموت إن كتبت، وستموت إن لم تكتب... فاكتب ومت"، فبهكذا قول للطاهر جاووت آثر المتقي أن يفتتح القول، وألا ينهيه بعدا.

الكرسي الأزرق سفر آخر في تجربة المبدع عبد الله المتقي يهديه تحديدا إلى روح سعيد الفاضلي، ويقدم من خلاله الدليل تلو الدليل على أن الشاعر فيه لا يغادره مطلقا وهو يرتحل إلى مسكنه القصصي، فالكرسي الأزرق جاء مسكونا بصوت الشاعر وانهجاسه، كما جاء مغموسا في رؤاه وامتداداته الشاعرية القصوى.

بعد تلك "القصائد الكاتمة للصوت" الصادرة قبلا عن وزارة الثقافة، يستمر عبد الله المتقي في معانقة الكلمة بمزيد من الاحتراق والألم، ليهدينا "كراسي زرقاء" وربما غير ذلك نقتعدها، لتأمل بداهة الأشياء وقوتها المكنة والمستحيلة، لنعانق الزهو كما الانكسار، ونسافر في الجرح كما البهاء، ونعتصر نهاية في الأعماق تجربة رجل عميق، لا يقتنع بالجاهز والنمطي.

نقرأ في الكرسي الأزرق قصة قصيرة جدا وسمها "القاص/ الشاعر" بالقصيدة: "نهضت القصيدة مبكرا إلى الواجبات التي عليها، رغم سهرها البارحة حد الأرق، صحبة شاعر مجنون، وقنينة نبيذ، وعلبة سجائر شقراء.

نزلت درج العمارة، تركت الباب مفتوحا على مصراعيه، لأنها تعرف مسبقا أن اللصوص لا يهتمون بدواوين الشعر ومسودات القصائد. ودونما حاجة إلى سائق، يفتح لها باب سيارة فاخرة، مشت على الرصيف خببا".

على نفس الدرب، عبر اقتصاد اللغة وتكثيف المعنى نقرأ منتهى القول في الكرسي الأزرق: "الكرسي الذي يقف على رجليه، يبدو الآن مستلقيا على قفاه قرب الباب، يتأمل تلك المرأة التي تتصبب عرقا مالحا وعطرا، وذلك الرجل الذي يلهث تباعا وسراعا.

الكرسي الأزرق يقطب جبينه الآن، لأن هذه المرأة التي تجفف جسدها، كانت تموء كهرة قبل قليل، وتنشب أظافرها بين كتفيه".

يذكر أن المبدع عبد الله المتقي يرأس "مكائد شعرية"، وقد سجل حضورا لافتا في المشهدين الشعري والقصصي بالمغرب منذ زمن بعيد، وهو عضو فاعل بعدد من الاتحادات والإطارات الثقافية الجمعوية، كاتحاد كتاب المغرب واتحاد كتاب الإنترنيت العرب.

الكرسي الأزرق صدر في 70 صفحة من القطع المتوسط، بغلاف جميل من إبداع الفنان آن يورو.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى