الجمعة ١٦ تموز (يوليو) ٢٠١٠
بقلم طلال حماد

قولوا لهم كفى بحق السماوات والأرض!

ما الذي يحدث من جديد في غزة؟ لا بل ما الذي لم يحدث بعد، والأيّام به حبلى، ونتيجته المزيد من الخراب والوبال، على رأس شعبنا الفلسطينيّ الأسير والسبيّ؟

أهو الحوار الوطني النبيل لكي نخرج جميعنا من تحت وطأة هذه الطّامة الكبرى التي تحيق بنا، بعد ستين سنة طويلة ومريرة من النكبة، ومن ضياع البقية التي نسميها الضفة وغزة والقدس( وكأنّ القدس خارجة عن فلسطين، أو زائدة عليها)؟

أهي الجريمة المتواصلة، منذ استخدام السلاح الفلسطينيّ(!!) ضدّ الفلسطينيّ في حزيران 2007؟

أم هو العار المستمرّ منذ دخول مفهوم النّزاع على السلطة إلى رؤوسنا( وعقولنا ليست بعيدة عن ذلك)، وتحوله إلى سراط مستقيم، لإلحاق المزيد من الأذى بقضيّتنا المقدّسة، وبشعبنا الصابر الصامد على الضيم، والاحتلال، ونهب الأرض، والحرمان من حقّ العيش كالبشر؟

أم هو النتيجة الحتمية، للضعف، والتمزّق، والتشرذم، وإيثار المصلحة الحزبية، والتنظيميّة، والعقائديّة، على حساب الوطن المجزّأ والمصادر والمغيّب؟

وهل هذا هو في نهاية المطاف، والاقتتال، والتناحر، والتكالب على سلطة بلا حرمة ولا سيادة، الهدف الذي لم يعلن صراحة في المفهوم الإسرائيليّ لاتفاق أوسلو العظيم، وما تلاه من اتّفاقات( للاتّفاق عليه من جديد)، ومن تفاهمات، ولقاءات، ومفاوضات، لم تمنح الفلسطينيين( الشعب هنا وهناك)، بعضاً من حياة أقلّ معاناة، وأقلّ قهراً، وأقلّ إهانة، وأقلّ جوعاً وفقراً، وعوزاً لأبسط متطلّبات الحياة؟

أم هي البطالة عن التفكير بحكمة وحنكة ورشاد، وعن التحرير( تحرير الإنسان من غربته عن الزمان والمكان، ومن استلابه، وضياعه، واستسلامه للأمر الواقع المهين، والمكبّل، والقاهر حتّى الانفجار)؟

ألم يكف ما حدث، فيما مضى، وخلال عام من هذه الثورة المضادّة، على الثورة المضادة، وكأنّها حلقة تدور ولا تقف، كعقرب الساعة، والساعة مختلّة، وبلا وقت، أو رنين؟

ما الذي جناه محمود الزهار، واسماعيل هنية، وسعيد صيام، وأفاد منه شعبنا اللاجئ والمقهور والجائع في غزة المحاصرة، والمغلقة( كطنجرة الضغط!)، أكثر ممّا جناه محمود عبّاس، أو سلام فيّاض، أو أيّ غيرهما في الضفّة، غير استمرار المعاناة والعذاب، وزهوق الروح في انتظار غودو، أو طائر الرّعد، الذي لا يبدو أنّه سيأتي في ظلّ مثل هذا الوضع المشين، والمحقون بما أدري ولا أدري، ولا أعرف أحداً يدري به ليدلّنا عليه؟

ألا يكفي كلّ ما حدث؟

من يقتل من؟ ومن لا يقتل من؟

من يحقد على من، ومن يخزّن الضغينة في نفسه لساعة مأرب، ومن يصرخ باسم الشعب المكبّل والمضيّع، وباسم القضيّة المغتالة، وباسم فلسطين المسبيّة، وبحقّ السماوات والأرض أن كفى؟!

كفى، ولينظر كلّ إلى نفسه فيرى أين هو، وأين نحن، ممّا يحيق به، وبنا، من أذى، ومن خطر، ومن فناء!

وماذا بعد؟

لينصت إليّ المثقّفون الفلسطينيون، والكتاب، والشعراء، والفنّانون، وأصحاب الضمائر، وحرّاس الوعي، وحفظة القضيّة، والمدافعون عن حقوق الإنسان( تحت الاحتلال، وفي ظلّ السلطات التي هي نفسها تحت نفس الاحتلال)، وبالذّات عن حقّنا في التعبير، وإبداء الرأي، والصراخ أن كفى، وليخرجوا عن انحيازهم، وعن حيادهم، فليس من المقبول أن ينحاز المثقّف الأمين إلى الجريمة، أو أن يقف متفرّجاً على ما يحدث من قتل( قتل الإنسان، والأرض، والشعب، والقضية: أي قتل فلسطيننا في نهاية الأمر) بمختلف الأسلحة والوسائل والأساليب!!

وليحذر صحفيونا وإعلاميونا من الدخول في مهزلة التحريض المتبادل. لينقلوا الأحداث كما هي دون انحياز إلى أحد، إلاّ للقضية الكبرى، قضيتهم، وللشعب، شعبهم، وللدم الفلسطيني الواحد، دون تحزّب، أو انتماء لفصيل، أو لجهاز، أو لشخص.. يزول بزوال دوره ووظيفته.

وقولوا لهم جميعكم، باسم آبائكم، وأمّهاتكم، وأخوتكم، وأخواتكم، وأبنائكم، وبناتكم، وجيرانكم، وأهل حيّكم، وأبناء بلدكم، أبناء فلسطين، فلسطينكم: كفى، واتّقوا اللّه والوطن بنا، والتفتوا إلى عدوكم، عدوّنا.. قبل أن يسحب الأرض، كلّ الأرض، من تحت أقدامنا، والبساط، من تحت أقدامكم!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى