الجمعة ٢٧ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم مروة دياب

كـان المُخَيَّـم

ونما على زندي المخيمُ

كيفما ينمو انتشاء الحلم فيهِ

وكيفما كبرت بعمق الجرح أغنيتي..

تُفَتِّشُ عن ملامحَ تحتويني بَعْدَهُ.

كُنا نجيء مع اقتسام الوردِ فلسفةَ الحكايا

والمساء وأضلع الوتر الشريدة مثلنا

ونروح مثلكَ في احتضار ظهيرة الوطن المُرَتَّقِ بالأكاذيب العتيقةِ

كي نعود مُحَمَّلينَ بموسم الوجع الوليدِ

نعانق الوهم الطريَّ

لتنتشي الأحلام في زبد الحقيقة وحدها

أو بين بيْنْ..

كان المخيمُ

وانكسارُ الحلم صورةَ عاشقينِ

وكنتُ وحدي..

الطائراتُ توزع القلقَ المُتاخِمَ للحدودِ

وللحياةِ..

وتنسج الذكرى لقلبهما

وصوتُ الموت يسخر من دمي

والنهر متسعٌ رواياتٍ أُخَرْ

والحلم متسعٌ لألف قصيدة أخرى

ولكن ليس لي

وحدي أبي..

والأرض تهدي للسماء ضفيرتي والحبَّ

لكن.. ليس لي

فحملتُ جرحك في دمي

وهربتُ من موتي المُعَنْوَنِ بالحماقة وانفجار الطيشِ

من وطنٍ بلا ذكرى

إلى ذكرى بلا وطنٍ

بلا زمنٍ يخط ظلامَه.

ولأن لي وجهَ الطواحين القديمة

والفيافى..

لعنةَ الوطن البعيدِ

لأنني بعض من المنفى

ولي المنفى

استضافتني عيون الآبقين من الخداعِ

ولعنةِ التاريخِ

فاجنح يا فؤادي..

أنت بعض مدافن الفكر الممزق والسكوت..

وأنا بكاء الحاجز المجروح مثلكَ.

لستَ أولَّ عائد بالخيبة العصماءِ

لكن أول القتلى

وآخر من يموت..

قيلولة الحلم استطالت يا أبي..

وقد اضمحلتْ خضرةُ الآتي

فأثمرَ هجرتَيْنِ وموطنًا.. لمخيمي

للجرحِ.. لكن ليس لي

والموت أعرفه ويعرفني

وأسخر منه.. يسخر من دمي

وحدي التجأت إليه

أعطي كلَّهُ للراحلين لينثروه على ضفافِ المجدِ

والصحراءِ، كي تخضر من وجع البلادِ

ولعنة المنفى

وأعطيهِ "أنا"

بل بعض بعضي..

لك أيها الموت المسافر فِيَّ عبري

لا تتركوا كلي إليهِ

فبعضنا ملك لأسوار المدينةِ

بعضنا ملك لوجه الأرضِ

صوتِ الحلمِ

للاشيء لكن..

ليس لي

أو ليس للموت الخصيبْ.

يا قبة الزيتونِ

يا وطن البعاد وموطن التشريدِ

لا..

سأموت دون دمي

وأترك نصفه للباحثين عن الملامحِ

والهوية والوطن..

وأموت دون دمي

وأترك نصفه الثاني لأمي

ثم أتركني..

وأترك لي مُخَبَّئَةً جراحي واغترابي.

والمخيمُ..

حين يكبر فِيَّ.. أكبُرُ فيه

نكبر في دم الماضي سريعًا

عَلَّنا ..

سأموت قربي أيها الماضي

وحين أصيرُ "أنتَ" سأحمل التاريخَ

صوب مزابل التاريخ مثلكَ

مثلنا...

أو مثل ثلاجاتنا المعطوبةِ.

اسْترق الحنين الروحَ

يا وطني المعبدَ بالحنينِ..

أنا استعار الحلمِ

همهمة الندى للفجرِ

حين أموت دوني

لو عرفتُكَ قلتُ لا..

و لئن جهلتكَ ألف لا..

ولأنني لم أعرف اللاءات إلا في الأساطير القديمةِ

قلتُ لا.

ورأيتُني أهوي قبيل الحلمِ

ثم أعاود الذكرى

وأحتضن الشتاتَ فيحتويني

ثم لا

يا ريح لا..

يا قدس لا

يا أرض لا

يا عالمي المفتون بالأهوال لا

سأعيش دون دمي..

وأكتب للحياةِ..

الباحثين عن الهوية و الملامحِ..

هل سيمنحني المخيم من وريقات الشتات؟

قد لا يهمّْ..

مني سأقطع ألف ألف وريقةٍ..

لكن أيمهلني الممات؟

كان المخيم..

أطهر الأشياء في عمري

كان التماع الحق في وترٍ

وفي حجرٍ..

وفي تعويذةٍ خُطَّت على صخرٍ

وكانَ.. دواةَ حبرٍ من دمِ الماضي

وداءِ الحلمِ

زَفَّتْ ألفَ ألفِ قصيدةٍ

حبلى بأوجاع الكتابة والوطن..

يا أطهر الأشياء في زمني

عشقتك مرتينْ..

ورميتُ غربتَكَ المنيعةَ باحتضاري

مرتينْ..

وإليك عدت أضج بالذكرى

وبالنَّفَسِ المدنسِ

باقتسام الخبز والوطنِ

اقتسام الموتِ للتاريخِ

للاشيء لكن..

ليس لي!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى