الأحد ٣٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٩
بقلم رافي مصالحة

كوريدا الملهاةُ الدمويّه

يوم غَصّت ساحة الكوريدا بالألوفِ
وتراقص الماتادورُ منتشياً بالهتافاتِ
يتحدا الثورَ الجامحَ بنبالِ الفيرا وبخرقة الميوليتا القانيةِ وبالسيوفِ
يومها...
سقط الشّعرُ صريعاً على رماد الحروفِ
 
*****
أمطرت سماء اشبيلية اللعنات على كل من أزهق الارواح في حلبة "الكوريدا"
وبُعثِت الحياةُ في ذاكرة الأوجاعِِ
دماً وعرقاً بارداً وصديدا
كان عشق الناس للدّم المتناثر على الرمل هوساً
كان جنوناً, لعنةً
كان فرحا بليدا
 
*****
 
وكان الثور يافعا، للجري تدفعه الغريزة
ويدفعه الحنين
دخل الحلبة
وعلى التراب ما زالت رطبةً دماءُ سابقيه الأولين
كان لا شكّ بريئاً
ليس يدري ما تودّ الجماهير
ولا ذاك الرداء الأحمر القاني المثير
كيف للمسكين فهماً أنّه صار ضحيه
ليس يدري انه ما عاد من عمرٍ بقيّه
انّه بعد الثواني الضّائعه
سوف يُنفى من ميدان الصرخات الجائعه
يُسحبُ خلف الجياد نحو محتوم المصير
 
*****
 
واستدارت عينا الغِرِّ للقوم لعلّ
بين هاتيك الوجوه الجامده
خلف متاريس العيون البارده
قد يرى وجه صديق
أو عساه يلقى بين صيحات العذارى الهاتفات
بهزيج المجد نحو سيافٍ سخيفِ
او بين هذي الحشودِ من رُكام الزّيفِ
ما قد يبدو, او يشبه حتى ومض بريق
لم يجد غير مناديلَ تلوّح بفنائه
قبّعات القوم
تهتزّ نشوةً على رجع لهاث الغريق
و كوريدا أمست صرخةً من كلّ ثغرِ
تتحدّى أمنيات الثورِ
وتهامس أحلام المصارع الانيق
 
*****
 
صفّق الجمهور وهلّل في النهايه
وانتهى الثور مثخن الجرح ليعلن بدءاً لبدايه
كائن مستضعف آخر يطويه العدم في ظلمة النسيان بين الثنايا
وعلى صفحات حكايا السّاحة الحمراء
نفقت ضحيّة مجهولة الهويه
ستروي الايام احاديث الفناء
وستحكي الرواية أنّه
لم تقتص يدُ العدل يوماً من الجاني
وما دُوّن المقتول في سجلّ الضحايا، كضحيّه
 
 [1]

[1الكوريدا: مصارعة الثيران
المتادور: مصارع الثيران
الفيرا: رمح صغير يغرسه المصارع في رقبة الثور
الميوليتا: القماشه الحمراء بيد المصارع


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى