الأربعاء ١٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
الشاعر والإعلامي المصري أحمد الشهاوي
بقلم لطيفة اغبارية

لا يكون شاعراً من مشى في الطرق الممهدة

يهوى التراث العربي بشكل خاص، وعلى دراية تامة بكل مقوماته، فاستخلص الكثير من تجاربه في هذا الموضوع لتتجلى في كتاباته وإبداعاته، فاستند على معرفته هذه وبخاصة إلى كل ما هو مقدس من القران الكريم والأحاديث النبوية الشريفة لتخرج أعماله في قوالب روحانية ،شفافية، خارجة عن كل ما هو مألوف وتقليدي .

صدر له عدد من الدواوين الشعرية والأدبية ، منها "كتاب الموت"، "قل هي"، أحوال العاشق"، الأحاديث "السفر الأول" ،"لسان النار"، وغير ذلك....وكان آخر إصدار له "الوصايا في عشق النساء" والذي أحدث ضجة إعلامية كبيرة في العالم العربي وفي مصر ،وتم مصادرته و تكفيره من قبل شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي ويواجه الكاتب في هذه الأيام حملة قوية من قبل الأزهر بسبب موعد صدور اقتراب الكتاب الثالث من النشر وقال الشهاوي إنه قام برفع أول دعوى قضائية ضد د.محمد سيد طنطاوي رافضا "الطعن في عقيدته دون حتى الاستماع إليه". واستغرب قيام جهاز مباحث أمن الدولة بتحويل الجزء الثاني من كتابه "وصايا في عشق النساء" إلى مجمع البحوث، ليكتب تقريره الثاني بالمصادرة معتبرا أنه يمس الدين بعد طرحه في الأسواق بعشرة شهور ".

ومن جهة أخرى فقد قام المئات من المبدعين والأدباء العرب بالتضامن مع أحمد الشهاوي في بيان تضامني، وطالبوا الأزهر الشريف برفع وصايتَه عن الأعمالِ الإبداعيّة والفكريّة، لأن هذه الوصايةَ تتعارضُ مع المبدأِ الدستوريِّ الذي يكفلُ حريّةَ الرأي والتعبير والاجتهاد، وتتنافى مع قانون تنظيم الأزهر عام 1961 الذي لا يبيح للأزهر إلا الولاية على ما يتصل بالشأن الدينيّ وحده، كما أنها تحاكم الفنونَ بمعاييرَ دينيةٍ لا معايير فنيّة.
ويؤكد الشهاوي أن الشاعر لا يكون شاعرا إذا مشى في الطرق الممهدة المألوفة ،ويعتبر نفشه غير تقليدي من حقه التمرد والإبداع دون قيود ،وأنه إنسان صوفي ومؤمن ولا يخالف الأعراف ، ومن حق كل إنسان التعبير عن رأيه وتقديم الإبداع في الصورة التي يراها مناسبة له .اعتاد أن يفتتح دواوينه الشعرية بإهداء لوالدته الراحلة
المرحومة "نوال عيسى"، والتي توفيت وهو في جيل الخامسة من عمره ،في عام 1965 .

وحول استفادته من «المسبحة» في صياغته الشعرية لقصائد «لسان النار» يقول الشهاوي: مولع أنا بالمسابح على اختلاف ألوانها وأشكالها، وقد استخدمت المسبحة المكونة من تسع وتسعين حبة كبناء فني أو تقنية كتابية في «كتاب الموت» الصادر في عام 1997، وهنا في «لسان النار» أستخدم في بعض القصائد المسبحة المكونة من ثلاث وثلاثين حبة غير الشواهد؛ وذلك في القسم الذي أسميه «مسبحة العاشق وشواهدها .
ولد أحمد الشهاوي في دمياط عام 1960، وعاش فيها خمس سنوات ثم انتقل للعيش في قرية "كفر المياسرة"، التي تبعد عن المدينة 40 كيلو مترا، ثم تخرج من كلية الآداب في موضوع الصحافة من جامعة أسيوط.

عمل في جريدة الأهرام منذ عام 1985 في قسم الأخبار ، ثم عمل على تأسيس مجلة "نصف الدنيا"، ويعمل في تحريرها .
تناول شعره العديد من أٌطروحات الماجستير والدكتوراة في الجامعات المصرية والعربية .

وأصدر له مهرجان الشعر العالمي –رودرترام – كتابي مختارات شعرية باللغتين الانجليزية والهولندية عام 2004.
عضو في الموسوعة العالمية للشعر who’s who ، منذ عام 1992، وعضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة في القاهرة .
مشارك فعال ومتنقل في عدد من الدول الأوروبية والعربية في المهرجانات الشعرية والأدبية، منذ عام 1987،أمريكا ، كندا، فرنسا، تركيا , فرنسا، المانيا ،الإمارات ،تونس، ليبيا، اليمن، المغرب، الكويت، قطر، هولندا، ايطاليا ، ليبيا ، كولومبيا ، الأردن، سورية ، العراق .
وقد حاز على عدة جوائز عالمية ، منها جائزة اليونسكو للآداب عام 1995، وجائزة كفافيس في الشعر عام 1998، وقد ترجمت قصائده إلى عدة لغات .

 لماذا اخترت مهنة الصحافة وأنت شاعر ؟
 لأن هذه المهنة من أقرب المهن إلى الكتابة ، ولأنني شاعر في الأساس أردت أن أكون في مهنة كتابة ،لا أكون فيها بعيدا عن الشعر . فكان لا بد من اختيار مهنة الصحافة لأنها من وجهة نظري المهنة الوحيدة التي يمكن للشاعر أو المبدع بشكل عام أن يتحقق فيها وعلى الرغم من ذلك فهذه المهنة نفسها قد فرمت عديدا من المبدعين لأنها مهنة لا ترحم ، تبقى كل الوقت والعمر. وهناك أمثلة كثيرة على الذين ضيعتهم الصحافة وأضاعتهم ، كان آخرهم الشاعر عبد المعطي حجازي الذي لم يكتب شعرا منذ عام 1989، في حين أن زميليه محمود درويش وأدونيس تطورا وكتبا شعرا مختلفا ومهما في السنوات التي توقف فيها حجازي وأحمد عبد المعطي عن الكتابة.

 أنت صوفي وشاعر متمرد في نفس الوقت ، وتواجه حملة اعتراض قوية ضد كتابك "الوصايا في عشق النساء" من قبل مفتي الأزهر فكيف تصف لنا هذه التناقضات ؟
 الشاعر لا يكون شاعرا إذا مشى في الطرق المأهولة والممهدة سلفا عليه أن يختط طريقا مغايرا وجديدا وان يكون نفسه وصوته الخاص وان يبحث في المستحيل وليس في الممكن لأن الممكن سهل وفي متناول اليد وهذا لا يحدث إلا بالمغامرة والتمرد ،ولا أظنني يوما ضبطت نفسي متلبسا بغير التمرد والخروج عن الصف ، هذه طبيعتي الإنسانية قبل أن تكون طبيعتي الشعرية ولا أتصور غير ذلك ، بمعنى أنني لا أقيم وزنا كثيرا للعادات والتقاليد والأعراف، رغم أنني من بيت أزهري, حيث كان والدي أحد علماء الأزهر، وأنا ابن للطريقة الصوفية عشت فيها ولا زلت .
وهذا جعلني طوال الوقت أسافر في الزمان والمكان وأنا اكتب ما أراه معبرا عني .
وأنا صوفي شاذلي وهم من أكثر الأقوام عشقا ، وأنا لا انفي ما قلته أن المتصوفين هم أحباب الله ، والعشق لديهم مطلق وأيضا مجرد عشق مطلق , وعشق حسي ,وأنا لا أرى تناقضا أن يكون لدى المرء خصوصا إذا كان صوفيا عشق الهي وعشق حسي .

 في أي قالب تصنف تصنف نوعية الأدب الموجود اليوم ؟
 أولا، ألأدب قليل ليس فقط في عصرنا لكن على مدى العصور، والأماكن ،هناك طبقات , الطبقة الأولى ، الثانية ، الثالثة، وهكذا وهذا هو الحادث الآن ، فالإبداع في زماننا يصنف في طبقات وعادة ما يقف الإنسان أمام الطبقة الأولى باعتبار أنها الفرز الأول والأكثر تميزا وندرة وأظن أن العالم العربي فيه أدباء كبار ومفكرين من مختلف الطبقات ولكن دعينا نعول على الطبقة الأولى التي تقدم المشهد الثقافي والفكري والأدبي وأيضا هذه الطبقة قليلة العدد وهذا هو الانتخاب الطبيعي لأية حركة أدبية أو فكرية في كل العصور .

 هل النصوص الموجود اليوم أكثر حداثة من ذي قبل ؟
 أحمد الشهاوي : بحكم اتصالي بالتراث العربي أرى أن فيه مئات النصوص ولا أبالغ إذا قلت أن آلاف النصوص هي أكثر حداثة مما يكتب الآن ن ولذا لا أتعجب أو اندهش عندما أرى كبار المبدعين في العالم استقوا تجارب مهمة من التراث العربي والإسلامي ، وهذه الأسماء العالمية هي كبيرة في بلادها وثقافتها , مثل جوتيه ، وبوشكين ، وغيرهم . وغيرهم استفادوا من التصوف والإبداع العربي التراثي ، وللأسف ما زلنا ننظر نحن الأدباء أو المثقفين إلى تراثنا على انه قديم وغير حديث .
وإبداعنا يهديه لنا الغرب ، فليس كل قديم هو قديم بمعناه ولكن ما كتبه أبو تمام، والمتنبي، وأبو نواس، وابن الفارض وغيرهم هو قمة الحداثة بل انه احدث مما يكتب عنه الآن .

 كيف تصف عملية اعتقال مجموعة من أعضاء البرلمان المصري من الإخوان المسلمين؟
 لا شك أن هناك تربص بكل ما يتعلق بالإخوان المسلمين الإخوان المسلمين الذين قبض عليهم وتم تحويلهم إلى محاكمات،أو الذين حوكموا لدى محكمة عسكرية ، وهذا طبعا ضد القانون ،والدستور، أو القيادات العادية،أو الاعتداء بالضرب على نواب مجلس الشعب أو القبض عليهم ،على الرغم نهم يتمتعون بحصانة برلمانية ولا يجوز القبض عليهم ، إلا بعد رفع الحصانة , طبقا للقانون المصري، مثلما يجوز مع أي عضو في برلمان في أي حزب ولكن ما حدث معهم بشكل استثنائي من قبل قوات الأمن المصرية ،, نصبت حالة عداء من الحكومة وحالة من الترصد والإصرار على أنهم خارجون عن القانون ،واعتبارهم جماعة محظورة ، ومن ثم توجيه ضربات متتالية لم تحدث في عهد الرئيس أنور السادات ولم تحدث في سنوات ازدهار جماعة الإخوان المسلمين في عهد مبارك.

ولكن يبدو أن حالة التوريث والحكم فرضت شروطها على الحكومة بأن تتصرف ببطش وعشوائية دونما استثناء للقانون , وإغفال الحقوق والواجبات المكفولة للمواطنين المصريين ،خصوصا إذا كان سياسيا برلمانيا ، وأنا أتصور انه كلما تم القبض على إخواني زادت جماعة إخوان المسلمين ازدهارا وشعبية وقوة بين صفوف الشعب المصري ، وربما أن القراء سيستغربون أن تكون هذه وجهة نظري تجاه الإخوان المسلمين ،خصوصا أنني عانيت الأمرين من جماعة الإخوان المسلمين الذين طردوني من البرلمان وكفروني بسبب كتابي "وصايا في عشق النساء".
ولم يكتفوا بذلك إلا بعد أن اصدر شيخ الأزهر فتوى بتكفيري ومصادرة كتابي ، وطبعا أنا ما زلت عند رأيي أن الإخوان ضد الفكر والإبداع والثقافة والفنون ،وأنهم عتات في الجهل ولكن أنا أدافع عن حقوقهم كمواطنين وكساسة وكقادة وبرلمانيين .

 هل تتطرقون إلى قضايا فلسطينيو الداخل في صحافتكم ؟
 هناك فهم خاطئ لدى الناس ليس في مصر فقط ، بل في كل البلاد العربية وللأسف فان هذا الفهم الخاطئ يقع فيه الصحفييون أيضا ، أن هناك شبهة ما وراء كل عربي فلسطيني قادم من ألـ 48 ، وأنا اعتبر أن هذا وضع طبيعي لأنهم مواطنون مغلوبون على أمرهم لم يتركوا أوطانهم في ظل الاحتلال وتم منحهم جنسية المحتل الأمريكي فلا يمكن التعامل بحكم أنهم يحملون جواز سفر إسرائيلي أنهم يهود أو إسرائيليون وهم مسلمون أو مسيحيون فلسطينيون لهم دينهم وثقافتهم ولغتهم العربية وأفكارهم ، صحيح أن قليل منهم صار إسرائيليا أكثر من الإسرائيليين وأنا قابلت بعضا منهم للأسف في مصر واليونان وتعجبت من شعاراتهم لكن هؤلاء استثناء وليسوا قاعدة،إنهم شواذ ، لكن الأغلبية الساحقة هم شرفاء ولهم مواقفهم واعرف أن بعضهم تعرض للسجن هو وأولاده رفضوا أن يتم تجنيد أبنائهم في الجيش الإسرائيلي ، لذلك فهم مظلومون في الصحافة المصرية وغير مذكورين على الخارطة ، ويتم ذكرهم في الصحافة الأردنية بشكل بسيط بأنهم يحضرون إلى مهرجان جرش للثقافة والفنون .

 هل هناك كلمة ترغب في إيصالها إلى فلسطينيي الداخل (48) ؟
 أنا آخذ عليهم أنهم لم يستطيعوا أن يوصلوا أصواتهم الحقيقية في الغناء والشعر الموسيقي والكتابة خارج فلسطين ليتم تغيير وجهة نظر العرب الخاطئة والقاصرة إليهم ، لا يوجد غير سميح القاسم في عرب ألـ 48، وأنا أتمنى أن تصدر مجلة ثقافية محترمة وراقية من الناصرة مثلا،أو حيفا ، لتكون صوتا للمبدعين الفلسطينيين ، وما دام عرب ألـ 48 لهم خصوصياتهم السياسية أو تجربتهم ،يجب أن يقوموا بإيصال صوتهم بشكل واضح وحقيقي .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى