الاثنين ١ آذار (مارس) ٢٠٠٤
محاولات جـادة لترميم المشـهد الثـقافـي الـعراقي

مؤسسة بلاد النهرين الثقافية - غاليري بغداد

حملة لدعم المكتبات العراقية

ما ان هدأت القنابل عن الهطول في سماء بغداد حتى شرع المثقفون العراقيون في الداخل والخارج بمد جسور التواصل بينهم واعادة تفعيل المشهد الثقافي العراقي المدمى على اسس جديدة متسامحة وكان ان استفاد المثقفون العراقيون المتوزعين في المنافي من خبراتهم في ترميم المشهد الثقافي العراقي ، وكان المركز الثقافي العربي السويسري ( الذي يقيم مهرجان المتنبي الشعري العالمي وعدداً من الفعاليات الهامة المتعددة اللغات في سويسرا ) ومديره العام الشاعر العراقي علي الشلاه سباقاً لافتتاح اول مؤسسة ثقافية دولية في العراق أطلق عليها اسم مؤسسة بلاد النهرين الثقافية – غاليري بغداد .

وقد شرعت المؤسسة منذ مطلع شهر تموز 2003 بعدد كبير من الفعاليات الفكرية والادبية والفنية واعادت طرح الاسئلة المهمة في الواقع العراقي الراهن ، ومن الفعاليات الثقافية المهمة كانت الفعالية التشكيلية للفنانة التشكيلية السويسرية البروفسورة اورسولا باخمان التي حملت الى بغداد عملاً تشكيلياً هاماً عن حوار الحضارات منفذاً عن طريق الكمبيوتر في مفارقة جعلت كثيراً من المثقفين العراقيين يتساءلون عن مقدار غيابهم عن الفنون المعاصرة في العالم .

في اختيار دقيق

التقى ثلاثة من الشعراء العراقيين ( عبد الرحمن طهمازي ، مالك المطلبي ، خزعل الماجدي ) في واحدة من امسيات المؤسسة التي ادارها الشاعر عادل عبد الله المدير التنفيذي للمؤسسة في بغداد و بدأ قائلا : ضيوف امسيتنا ثلاثة من الشعراء الكبار حقا، ولعلنا نجد المسوغ لنعتهم بهذه الصفة متمثلا بامتناعهم عن الذهاب الى الوليمة تلك التي نادى مناد من النظام البائد اليها فهرع الشعراء وراءها الى كل ما من شأنه ان يبعد الشعر عن كونه قضية انسانية وجمالية..

ثم تغنى الشعراء الثلاثة بالحرية اولا ثم كشفوا عن مخبوءاتهم الجمالية في قصائد متميزة اضاءت قاعة اللقاء ونفوس الحاضرين...

قرأ الدكتور الشاعرمالك المطلبي اولا مجموعة من قصائده كان من بينها:

صرت مملوكا..

ولكن كهواء الشبكة

سأملأ الليل بالاحزان

حتى يمتلئ..

ثم اغدو ملكه

والمطلبي شاعر وناقد واكاديمي عراقي معروف ، له حضور مميز في العقود الاخيرة واصدر عدداً من الدواوين والدراسات ، وكان كتابه عن اللغة الشعرية لدى جيل الرواد من الدراسات التي اسهمت في ترصين المشهد النقدي العراقي

ثم قرأ بعده الشاعر والمفكر الكبيرعبد الرحمن طهمازي عددا من قصائده كان من بينها قصيدته الباب الكبير و جاء فيها

:

يا بارد الاطراف من جعل الحقيقة في يديك

قلبتها فينا

وانديت الجبينا

آه سنلعنها سنينا

اما الشاعر السبعيني المميز بحسه التاريخي ومحاولته اعادة صياغة الاساطير الرافدينية القديمة خزعل الماجدي ، والذي سيحتفي مؤسسة بلاد النهرين الثقافية بصدور اعماله الكاملة قريباً فقد قرأ عدد من قصائده الجديدة.. كان من بينها

حين دخلت الى الغابة

تعامل الفيل معي كفيل وهز لي خرطومه

والاسد تعامل معي كاسد وصافحني

والافعى تعاملت معي كثعبان وهزت ذيلها

اما الانسان فقد حاول اصطيادي

وفي امسية لاحقة استضافت المؤسسة الفنان والناقد التشكيلي اسماعيل زاير رئيس تحرير جريدة الصباح الذي قدم لجمهور المركز خلال الأمسية تصورا عن واقع الإعلام العراقي الجديد ومهامه الصحفية ونوع مساهماته في تحقيق هذا الواقع المنشود ، بعدها واجه الفنان الضيف مجموعة من أسئلة الجمهور الحرجة حول هوية صحيفته ومستقبلها ونوع ارتباطاتها بالقوى السياسية الفاعلة على الارض ..

وضمن اهتمام المؤسسة بالاصوات الشعرية الجديدة ، فقد كانت استضافتها لتسعة من الشعراء الشباب ممن حسموا رهان الشعر بداخلهم وانتصروا الى قيمه التي راودهم النظام بالجوع على المساومة عليها ، وهم كل من سهيل نجم عبد الله ، سلمان داود محمد، زعيم نصار ، احمد سعداوي ، هيثم الطيب ، ماجد موجد ، نصير عزيز

حيث قرأوا عدداً من نصوصهم التي عكست رؤية جيل اخر لخراب طال كل شيء وكانوا ممن دفع ثمناً باهضاً لذلك الخراب وكان لنصوصهم مذاق اخر يشكل اضافة مختلفة للقصيدة العراقية الجديدة .

>الفعالية الخامسة للمؤسسة كانت مخصصة لمناقشة محور (( الثقافة العراقية .. واقع الخراب ومهمة الإصلاح ) وقد وجه المركز الدعوة للتحاور بهذا الصدد الى عدد من المثقفين العراقيين حضر منهم في الأمسية الأولى للمحور الشعراء خزعل الماجدي ، علي الشلاه وعادل عبد الله وقد قدم كل منهم ورقته طارحاً رؤيته لمحاولات ترميم المشهد الثقافي العراقي وكانت الأمسية هذه متميزة حيث احتدم النقاش فيها مع عدد كبير من المثقفين الذين حضروا الفعالية التي استمرت عدة ساعات ثم مددت لندوة اخرى .

> في المحور ذاته، كانت مداخلاتها للدكتور حيدر سعيد والشاعر عبد الزهرة زكي وقد كان نصيبها من الحوار مع الجمهور والاختلاف في وجهات النظر كبيرا هو الاخر وبما يشير في النهاية الى جدلية الحوار ورغبة المتحاورين في بلوغ غايات ثقافية مثمرة للاستفادة من خبرات مختلفة وزوايا نظر متباينة في النظر الى الحالة الثقافية العراقية .

الأمسية التالية التي خصصتها المؤسسة لمديرها العام الشاعر علي الشلاه فأقامت له أمسية شعرية للاحتفاء به وبفوزه بجائزة افضل شاعر عربي للعام 2003 قرا خلالها مجموعة من قصائده الجديدة ، ثم انفتح على الجمهور بعدها في حوار عن تجربته الشعرية وعن تجربة المؤسسة في بغداد ومشاريعها المستقبلية وعلاقتها بالمؤسسة الام في سويسرا ، وامكانية صدور مطبوعات عنها .

الشاعران باسم المرعبي وعدنان الصائغ كانا ضيفي المؤسسة في أمسيتين متعاقبتين قدم خلالها كل منهما تصورا نقديا وحياتيا عن تجربته الشعرية في الداخل والخارج بعد أن انشدا الجمهور عدداً من قصائدهما المختارة بعناية ثم جرى حوار معهما عن المشهد الثقافي العراقي في المهجر وعلاقة الداخل والخارج في رسم الصورة الجديدة للثقافة العراقية .

كذلك استضافت المؤسسة في إحدى اماسياتها الأخيرة الفنانة هلا بسام عازفة آلة السنطور المعروفة مع قراءات شعرية للفنانة ميديا فخر الدين والشاعر جبار السوداني

تجدر الإشارة إلى إعداد المركز لبرنامج ثقافي سيغطي الأشهر الستة القادمة حيث ستكون من ضمن اماسيه استضافة القاصة العراقية المبدعة لطفية الدليمي والفنان النحات نداء كاظم والشاعر موفق محمد و إقامة تأبين شعري للراحل رعد عبد القادراضافة إلى الفعالية الثقافية المهمة التي قام بها المركز والتي تمثلت باستعادته لمجموعة من اللوحات والاعمال الفنية المسروقة من متحف الرواد في مركز الفنون وتتضمن ثلاثة وعشرين عملاً لكبار الفنانين العراقيين بينهم جواد سليم وشاكر حسن ال سعيد وخالد الجادر وعلي طالب وغيرهم وقد جرى تسليمها الى وزارة الثقافة ..

كذلك يعكف المركز على شراء كمية كبيرة من الكتب العربية والأجنبية لغرض إهدائها إلي الكليات والجامعات العراقية مساهمة منه في تعويض بعض ما تعرض من مكتباتها للنهب والسلب ، وقد دعى المركز في هذا الصدد سائر الكتاب والمثقفين الراغبين باهداء كتب الى المكتبات العراقية ان يرسلوها على عنوانه في بغداد .. الوزيرية .. شارع المغرب .. مقابل مسرح الطليعة .. مؤسسة بلاد النهرين الثقافية/غاليري بغداد

تجدر الإشارة أخيرا إلى أن المركز الثقافي العربي السويسري أول من افتتح مؤسسة في بغداد بعد سقوط النظام وانه اصبح ألان بعد النجاحات التي حققها المكان الثقافي الأول الذي يحرص المثقفون العراقيين على حضور اماسيه بانتظام وقد عده بعضهم المؤسسة الثقافية الأنشط في العراق في الأشهر الستة الماضية.
www.sakz.ch

erde4uns@hotmail.com

حملة لدعم المكتبات العراقية

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى