الثلاثاء ٩ آذار (مارس) ٢٠١٠
بقلم محمد أبو عبيد

مائة عام على يوم المرأة

إذا كانت المرأة نصف المجتمع عدداً، فإنها كل المجتمع إعداداً. إنْ كنا فعلا نجنح نحو التغيير، وهو مطلوب، فلن يتحقق مرادنا من ذلك إذا لم نغير قبل كل شيء نظرتنا إلى المرأة وتعاملنا معها لأنها التغيير، ولأنها كل شيء. فعجباً لهؤلاء الذين ما انفكوا ينتفضون كلما سمعوا صوت عدل ، أو قرأوا كلمة حق في المرأة كما لو أنّ خنجراً غُرز في أكبادهم ،فلا هم عادلون معها ، ولا يريدون الغير أن ينصفوا كبدها.

كل أيام السنة أيام المرأة ،ولا ضير في أن يكون الثامن من مارس أكثر بروزاً من أيام السنة الأخرى حتى تلتحم الأصوات وتلتقي الجهود ليتم التذكير،إنْ نفعت الذكرى، بأن هناك امرأة ما انفكت تعاني القهر، وتكابد شريعة"ذكورابي". وإنْ غاب عن أذهان الكثير من الذكور، خصوصاً المشرقيين، أن الديكتاتورية الذكورية ما زالت سيدة الحال ،فهذا، أضعف الإيمان، يوم للتذكير بذلك حتى لو وُلدت الفكرة من رحم اليسار السياسي الغربي، إن كنّا أوصدنا الأبواب في وجه أفكارنا بناتِ تعاليمنا.

ميزة يوم المرأة هذه السنة أنه يصادف مرور مائة عام عليه مُذ أقر اللقاء الاشتراكي الدولي في كوبنهاغن عام 1910 تخصيص يوم للمرأة بعد تظاهرات عاملات مصانع الألبسة في نيويورك سنة 1908 احتجاجاً على ظروف العمل الجائرة. مهما كان السبب،إذنْ، لتخصيص يوم للمرأة ،فإن ذلك يسلط الضوء ،إذا انطفأ طيلة السنة أو خفتْ ، على وضع المرأة، والحديث هنا عن المرأة في أصقاعنا المشرقية.

ثمة من يحاولون تغطية الشمس بالغربال للقول إنّ المرأة في أحسن حال وأن الذكر هو المقهور ، وثمة من يصور حرية المرأة على أنها انسلاخ عن القيم ،ويصوّر حقوقها كأنها تمرد على الرجل ، وما ذلك إلا بمثابة النكتة لا أكثر ،أومثل المفلس الفاقد للحُجة يتسلح بها في وجة الحق والحقيقة.

من يبحر عميقاً في أحوال نساء المشرق، سيدرك حجم الضيم الذي ما انفك يطارد الأغلبية منهن كخيال المرء وقت الأصيل، بدءاً بالجرم الأعظم حين تُقتل الفتاة بسبب شائعة أو شبهة، فيقولون جرائم شرف، وما هي إلا جرائم قرف، إذْ لا يُعقل أن يكون للجريمة شرف، وليس من المنطق الإنساني أن تكون عقوبة القاتل فيها بضع سنوات في السجن، كأن الشرف في هذه الحالة ينطبق على الأنثى بينما الرجل في حلٍ منه.

أما الزواج فله في الضيم نصيب كبير، ووحده في حاجة إلى صفحات لأفراز حالاته الجائرة المنصبّة على فتاة الشرق. لا يتصور المرء أن القرن الواحد والعشرين ما انفك يشهد حالات تجبر فيها الفتاة على رجل تتزوج منه إكراهاً، وهي لا تبطن له أية مشاعر حب، أو على الأقل ترضى به ما دام الحُب ممنوعاً عليها،" فلا تزوج البكر حتى تستأذن ولا الأيّم حتى تستأمر". وكذا التعليم حيث ثمة مناطق من مشرقنا تمنع الفتاة من التعليم أو على الأقل مواصلة مشوارها العلمي. ولا ننسى حقوقها في خيارات حياتها.

أصناف قهر الأنثى جمّة، ولا مجال لحصرها أو خصرها، وذلك دليل على حجم ما تعانيه ، بدءاً من جرائم القرف، مروراً في اعتبارها مجرد متعة للذكر، وانتهاء بمنعها من فتح حساب لها على الفيسبوك


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى