الثلاثاء ١٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
رسائل تتحدى النار والحصار
بقلم زكية علال

مشروع خيانة

قديماً..

في دِفْءِ الزَّمَنِ الجَميلْ..

وعندما كانت الحكمة تمشي شامخة.. قالوا: "النَّاسُ على دينِ مُلوكهم"

اليوم..

والحِكْمَةُ تتعثَّرُ.. وتُصيبها كل أمراضِ العصرِ لتُصبحَ كسيحةً.. أقول: "الناس على خيانة ملوكهم"

فالخيانة أصبحت عقيدة تسخر من شريعة الوفاء...

والوفاء بات نكتة ندغدغ بها بعضنا البعض..

عندما تُمارس الخيانة بصفة رسمية..

يسهُل على الناس ممارستها بصفة غير رسمية..

وحين يخون الحاكم شعبه..

يهون على المحكوم خيانة زوجه وولده .. وعشيرته التي تأويه ..

عندما تكون الخيانة عقيدة الحاكم والمحكوم، تخون السنابل قمحها.. والمطر غيثه.. والخبز ملحه.. والماء صفاءه..

ويتمرّد التراب على أرضه التي كانت رحمه.. ليتطلع إلى أرض تتجدد بتجدد النازحين والعابرين..

وكنتُ أنا ـ يا عبد الله ـ لازلتُ على شريعة الوفاء..

بقيت أغزل من خيوط حكاية عتيقة وفائي لك ولغزة..

في كل ليلة..

أجلس إلى طيفك وغزة التي تلبسني ..

أقيس نبض حبي لك.. فأجده مستقرا..

وأتحسس نبضها الذي يمنحني التألق فأجد دقاته تنقر على صدري..

عندما أطمئن على انتمائي لملامح وجهك المقيم في شراييني..

أُسْلِمُ انكساري إلى نوم يشبه وجه طفل..

وحدي أمارس الوفاء في زمن الخيانات الرسمية والمصورة..

خيانات مؤرخة ومؤثثة...

وحدي...

أمارس طقوس الوفاء لرجل غادرني ذات سحاب عابر..

وبيني وبينه مطارات.. بحار، ونعيق مؤتمرات..

وحدي أعتنق شريعة الوفاء لمدينة تركتُها ذات قرار جائر ..

وبيني وبينها نار.. حصار.. مستوطنات ومشروع خارطة تزحف على بياض أحلامنا..

هذا الصباح ..

أستيقظ على حركة غير عادية في أروقتي وممراتي ..
وَقْعُ أقدام تسحب وراءها ملامح كانت مقيمة....
وتأوه يُحْدِثُ فوضى في خيمتي الباردة
أفَقْتُ مذعورة !!

فإذا هو نبضك المقيم يتسلل من فراغي..
وإذا صورتك التي كانت شامخة في وجداني تصبح باهتة كما كل الصور..!!

كان هناك.. يمر أمام خيمتي عند كل تأوه.. ظِلُّه يَعْبُرُ إلى الدَّاخل وقلبه يسجد لوحدتي الطاعنة في اليُتم..

كان هناك.. ينتظر رسائلي إليك بشوق طفل يحنو إلى دفء أمه، وعندما أختم آخر وجع فيها يحضنها كما تحضن الأم ولدا باكيا.. ويهرب بها بعيدا.. بعيدا..ليضيع في تفاصيل خيبتها الكبيرة..

شيئا فشيئا أصبحتُ أحس أني أكتب تفاصيل خيبتي له.. وأنه أخذ ملامحك التي كانت تجاورني ..

رسائلي أصبحت لاتصل إليك قبل أن يوقعها بنبضه !!

فهل هي خيانة ؟!!

أم مشروع خيانة ؟!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى