الأربعاء ١١ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم سليم أحمد حسن الموسى

مـــت .. قاعـدا

كان زميلي في العمل لسنوات طويلة ،
وتم إحالتنا على التقاعد سويا ، حين
وصلنا سن الستين ، التقيته صدفــة
بعد أشهر قليلة من ذلك ،كان يبـــدو
ساهما ، شاردا ، شيخا هــــــــرما ،
ضعيفا ،ضائعا .. وحين سألته عــن
حاله قال :
 
حــــــال الـ " مُتْ .. قاعد " مثــــــــــلي
لا طعـــم لــــــها .. أو رائحـة .. أو لــون
هي ، صــور لليأس أو البؤس أو الحزن
مع كـــل الراتب .. نصف حيــــــــاة ..!!
مع نصـــــف الراتب .. ربع حيــــاة ..!!
ما أفظع ، أو أبشع ، أن تحيا ربع حيــاة
هي أقــــرب للعـــدم أو المــــوت ..
فهـــــي حيـــــاة ، دون حيــــــاة .
هــــذا الواقع مــا أقســــــاه .. !!
هــذا الـ " مـُـتْ.. قاعـدُ " مـا أشـقاه !
 
* * *
 
عملت بصـدق ، وبإخلاص ، وولاء ووفـاء
عملت بصـبر فاق حـدود الصبر ، بكل عناء
لم أسمع كلمة تشجيع ، أو مـدح وثنــــــــاء
جاوزت الســــتين ،
قـالــــوا .. مــا عـــاد لــديك عطــــاء ،
قلت بلى .. لا زلت بعافية في الجسم بحمد الله
سليما في العقل ، قويا في الفكر ،
خبيرا في العمل ،
ولديّ القدرة ، للتخطيط ، وللتطوير ،
وللإبداع بحول الله ،
 
قيل ، لن يسمع أحد صرخة حق ، تطلب عدلا..
فنص القانون الجامد والحرفي ..
هو الأقوى من كل رجاء !!
فاذهب كي تنعم بهدوء الراحةِ ،
والحب ، والاستقرارِ ، بظل الزوجة والأبناء .
 
* * *
 
أررررتـــــــــــــــــــاح ..؟!!!
نصف الراتب ، ربع حيــــــاة ،
الزوجة في المطــــــبخ تصــرخ ،
كل صبـــــاح ، ومســــاء ..
أرجوك لا تتـدخل ، بشـــؤون البيت ،
أخرج ، ابحث عن عمـــل ، مهما كـــان !
لا تجلس في وجهي طول الوقت .
يكفي ما أنا فيه .. من هـمّ وبــــــــلاء .
 
* * *
 
يـــا ســـيّدتي ،
أنت على علم ، أني أبحث عن عمل ..
في كل مكان ..!
وأنت على علم ، أني لن أرفض عملاً ،
حتى لو كان " بـــــدكان " .
وأنـــــــا أعـــــلمُ ..
أني ، صرت ثقيــلآً .. مـرفوضاً ..
وكئيبا ، وتعيســا ، وحـــزينا ..
وفقدت مــــزايا الإنســـــان ..!
وأنــــا أعلم ، أني أصبحت " حصانا غربياً "
قــرر صاحبه أن قد شــــــاخ ..
وما عاد له نفع في الخدمـــة ..
وينتظر الآن رصـــاصة رحمـــة ..
 
* * *
 
فجعت بما أسمع وأرى .. ما عاد هذا الزميل
الشخصية القوية ، صاحب الإرادة والقــرار،
أصبح ضعيفا حتى الموت ، فصــرخت فــي
وجهه ..
 
يــا هــذا .. إنك تقتل نفسك .. وتدمـّر بيتك ،
هــذا حال المهزومين الضعفاء الجبنــــاء ،
كنت الأقوى بإرادتك الصلبة والحيــــّة ..
كنت الأقوى ،
وأنت تقاوم كل الأفكار السلبية ..
كنت تقاوم بالإيمان ، وتحيا بالإيمــــان ..
وتقول لنا دوما " اعـــقل وتــــوكّـل "
وكنت تقول ..
نحن نكرِّس في أعماق الباطن ، أفكار المستقبل ،
ونحن نوجـٍّه بإرادتنا خط مصـائرنا للمســـــتقبل ،
فكيف انقلب الأمر إلى هذا الوضع اليائس والقاتل ؟
يــا هــذا .. شـــارك ، وتكيـــّف ، وتفــــاعل ..
ابحث عن عمل طوعي ، يشغل وقتـــــك ..
اقـــرأ ، أكتــب ، ابحــــث ، وتســــــاءل .
واجعل فســـــحة أمل عندك وتفـــــاءل ..
عش يومك .. لا تنتظر الغـــــــد ..
حتى يـــأتي " إن جـــــاء " .. بغير عنـاء ،
وبذلك تحيــــا بســـلام ، وهناء وصفــــــاء ....

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى