الاثنين ٤ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
صباحكم أجمل الحلقة السابعة
بقلم زياد الجيوسي

من ارطاس إلى العبيدية.. جمال لا يوصف

ما زالت جولتي في بيت لحم تنقش أثرها في روحي ولا تفارقني، وما زلت أينما ذهبت وتوجهت أشعر بهمساتها تنسكب شلالات من جمال وعشق في أذني، وأشعر بالحوريات الكنعانيات اللواتي نقشن الحكاية كالنسمة الربيعية تمر عليّ، فكل بقعة وكل منطقة ومكان في بيت لحم ترك أثره في الروح، فاتجهنا من برك سليمان إلى الجنة المقفلة بلدة أرطاس، فقد كانت نسمات الجمال فيها تبدأ من برك سليمان، فنزلنا المنحدر الذي يصل إلى البلدة الكنعانية الأصيلة وذات التاريخ العريق، فهي بلدة ذات موقع استراتيجي مميز ومياه عذبة ووفيرة، فكانت عبر التاريخ مطمعاً للغزاة وخصوصاً من يريدون السيطرة على القدس، فمن يريد احتلال القدس كان لا بد أن يبدأ بأرطاس لسيطرتها على التغذية المائية للمدينة المقدسة، ولذا تعرضت عبر تاريخها للمذابح وعرفت بأنها بلدة المذابح السبعة إضافة إلى الجنة المقفلة.

حين بدأنا بالنزول باتجاه الوادي لبلدة أرطاس التي تقع بين جبلين متقابلين، حتى بدأت جنائنها بنثر عبقها وآيات الجمال، فهمست لصديقي خالد الصيفي الذي أدين له بدعوتي الثانية لبيت لحم حين وصلنا بقايا بوابة أرطاس التاريخية: توقف فعدستي وروحي بدأتا بالتمرد كما أطيافي المتمردة، ونزلت من السيارة فوراً وبدأت بتأمل آيات الجمال والخضرة، وبدأت عدستي بالتقاط الصور، وشعرت عندها بأحفاد كنعان والسواعد السمراء الشابة كم ضحت وبذلت لبناء هذه الجماليات، وشعرت بأرواح الحوريات الكنعانيات ترتدي الأثواب المطرزة وتحمل سلال الفواكه وتجول مبتسمة، فهمست بداخلي: لله درك يا مها السقا وبارك الله بجهودك يا حافظة التراث.

أكملنا المسير إلى الجسر الحجري التراثي القديم الذي يوصل إلى دير أرطاس، وكان الجو حاراً فتوقف الصديق خالد تحت شجرة في الظل ونزلت من السيارة غير آبه بحرارة الشمس، وكنت أشعر أني أريد التهام كل ما أراه التهاماً ذهنياً، وعدستي لا تتوقف عن التقاط صور الجماليات والتراث والتاريخ، فهذا الدير أقيم في العام 1895م، ويقال إن سيدتنا مريم العذراء اختبأت مع سيدنا المسيح عليه السلام بمنطقة الدير خوفاً عليه، فبني الدير...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى