الثلاثاء ٢١ نيسان (أبريل) ٢٠٢٠
بقلم توفيق الحاج

من يوميات رجل مسن......!

1

خمسون عاما
اسعى عزالا... ثم حصانا... ثم حمارا.. ثم كلبا... ثم قردا.....!
حملت..
تحملت..
اطعمت..
أسقيت.. ربيت .. بنيت.. تقاعدت.. انتهيت..
ذهب الذين أحبهم وبقيت مثل السيف غردا
خمسون عاما ... اكتشفت اني لم أكن إلا ......
صرافا!

2

سنوات.. وانا أعيش مهزوما.. ألفت حجرا اختياريا قبل الحجر... يليق بانسخابي
لم أعد اتحمل الصدمات أكثر
في وحدتي.. ابتكرت حياة خاصة بي... وخلقت لي عالمي الافتراضي
لي اصدقائي ...لي صديقاتي...
عوضا عن الذين خذلوني.. وتساقطوا من حقائبي في الطريق
انتبهت لنفسي... لمشاعري... تجولت في ذاتي...
فتحت بيني وبين نفسي صندوقي الاسود
واخرجت ساحراتي اللائي عشقت
اكتشفت انى رغم عمري المتهاوي
لم ازل طفلا
لم أزل مضحوكا علي

3

يغادر العام غير ماسوف عليه
ونحتفل كأغبياء بعام جديد
أول الاخبار من ووهان
وحديت عن خفافيش و قطط وكيف تؤكل الفئران
الموت بالعشرات... بالمئات .... بالالوف
تتوالد الاصفار
الموت فقط هو سيد اللحظة
.. والخوف انتشر...
رايت من حولي اما خائفا او يتصنع اللا خوف
فلسطينية ترينا كيف تعالج الفيروس بالطماطم والبصل
طبيب أعشاب ينصح بالينسون واااخر يؤكد ان للسماق مفعول السحر
شاهدت فيديو اماتني اكثر من الموت...
الطبيب ينزع جهاز التنفس عن مسن من أجل طفل..
كأنه يقول آن لك ان ترحل

4

قرات عن طبيب فرنسي
توسل اليه أب ان يرى اولاده قبل الرحيل.. اتصل بالعائلة ولم يرد احد
ليرحل الغريب في تابوت محكم ومعقم... بلا وداع..!

5
رد صديقي على خوفي من نهاية كهذه
لا نحن امه تختلف... لن نترك أباءنا (رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)
هززت رأسي غير مطمئن ورائحة البصل والثوم تملأ المكان

في عز النوم -كما تغني فيروز- وجدت نفسي اسعل.. واعطس واشعر بكل الاعراض التي سمعت بها اوقرات عنها

قلت في نفسي: انه الموت ...
ضاق نفسي...
ناديت... لم يجب احد.. اتصلت على 103 وانتظرت

بعد ثلاث ساعات حضرت عربة الاسعاف ونزل المدججون بالمعاطف البيضاء بالكمامات والقفازات والمعقمات .. حملوني في كيس على عجل ...لم يتبعني أحد ...اجروا الفحص.... كان ايجابيا...

اطلقت ضحكة مرة ساخرة يا الهي كل حياتي سلبية الا هذه المرة

ادخلوني غرفة الانعاش.. بهمس الطبيب المتدرب: الوضع جد خطير

وضع الطبيب الملتحي الذي يبدو كرائد فضاء بحذر جهاز التنفس وابتعدت عني الكمامات

لم ادر كم من الوقت مر...كان صدري يحترق... لكني ارى الطبيب بصورة مهزوزة واسمع همسا (هوبلس كيس)

ارفع عنه الجهاز ... هناك طقل الوزير.... وهو اولى منه.. هذا شبع من عمره... يكفيه

أرى وجها بشعا يقترب... عزرائيل الذي تخيلته ببتسم... يمسك بالجهاز ... دفعته بكل ماتبقى من قوتي .. صرخت وانا اكاد اختنق ...لا أريد ان اموت.. أريد ان اعيش... من حقي ان أعيش ولو لحظة واحدة

6

صحوت على طرق ..
دفع احدهم الباب.. ايقظني ....
همست لنفسي الحمد الله.... لازالت في بقية حياة!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى