مِن كِتابِ الماء
فِيما يَعُدُّ رِمالَ الشـطِّ بَـحَّارةْ
تَفَتَّحتْ فِي خَيالِ الرَّملِ "مَحَّارةْ"
وحَدَّثَتْ عَن زَمانِ المِلحِ لُؤْلُؤةٌ
وعَن رِجالٍ دَعاها الماءُ: أَقْدَارَهْ
مَلأَى مِن الشَّجرِ المَقطُوعِ أَعْيُنُهمْ
قَوارِبٌ دَسَّ فِيها البَّحرُ أَسْرارَهْ
أَرْواحُهم عَثُرتْ فِيهم مُصادَفةً
وفي الضُّلوعِ تَنامَى شَوْكُ صُبَّارةْ
قايَضْتُهمْ بِجُنونِي رُبَّما سَخِروا
ورُبَّما أَلْبَسُوا عَيْنَيَّ نَظَّارةْ
شَبَّهْتُهُمْ بِحَنِيني فاغْـتَـدَوْا عِنَبًا
يَبْكِي كَثِيرًا على أَعْتابِ خَمَّارةْ
فَتارَةً كالثِّيابِ البَحرُ يَلْبسُهم
سَهْوًا ويَخْلَعُهم عَن ظَهْرِهِ تارةْ
سَمِعْتُ شيخًا عَجوزًا قالَ: تَجْربَتِي
ذَنْبِي الذي لمْ أَزلْ أَشْتاقُ تَكْرارَهْ
فَكَمْ تَنَازَعْتُ حِيتانًا ونازَعَني
حُلْمِي وأَنْشَبَ فِي جَنْبَيَّ أَظْفَارَهْ
حَتى تَرى سُفُنِي السَّوداءَ مِطْفأةً
والعُمرُ بَينَ شِفاهِ البَحْرِ "سِيجارَةْ"
لَكِنَّها حِكْمةُ الدُّنيا إذا ضَحِكَتْ
أَبْكَتْ وسَلْ عَنْ رُهابِ الحَظِّ صنَّارَةْ
وقالَ حَبْلٌ عَنِ المِجْدافِ عَن شَبَكٍ
مُمَزَّقٍ خُيِّرَ الصيادُ فاخْتارَهْ
هُمُ الثقوبُ التي للرِيحِ أَسْلَمَها
فَمٌ وأَسْكَنْها الزَّمارُ مِزْمارَهْ
يُقالُ إنَّ شِراعًا عادَ مِن سَفَرٍ
وكَمْ تَقَطَّعَ حَتى مَلَّ أَسْفارَهْ
فَنامَ في صَخَبِ المَيناءِ لا سُفُنٌ
تَرْجوهُ لا حُلُمٌ في نَوْمِهِ زَارَهْ
كَم فَكَ أَزْرارَهُ للريحِ.. حِينَ صَحا
أَضْحَى فَنارًا تَفُكُّ الريحُ أَزْرارَهْ
وقالَ لَيْلٌ طَويلُ الشَّعرِ مُنْسَدِلٌ
فَوقَ الرمالِ هَجَى مِن قَبْلُ سُمَّارَهْ
هُم طَيِّبُون كَبِئرٍ مَا مُعَطَّلَةٍ
آوَتْ نَبِيًّا ولمَّا تأتِ سَيارةْ
أو كَالبِنَايَاتِ رُجْفٌ كُلَّما عَبَرتْ
دَبَّابةٌ وأَتَتْ فِي إثْرِها غارَةْ
ورُغْمَ رَجْفَتِهمْ في كُلِّ عاصِفةٍ
لمْ يُشْبِهُوها تَمامًا وهْيَ مُنْهارةْ
وكُلَّما عَضَّ بَرْدٌ ما أَصابِعَهمْ
أَصْغَى لَهمْ جَبَلٌ فاسْتَوْقَدُوا نارَهْ
في حائطِ الماءِ قد دُقَّتْ قلوبُهمُ
وكَمْ جدارٍ شَكا بالشَّرخِ مِسْمارَهْ
لو ماتَ في البَرِّ بَحَّارٌ مَشَى سَمَكٌ
وكُلُّ ذَيْلٍ وراءَ النَّعْشِ قِيثارةْ
كانُوا إذا وَدَّعُوا الشَّطَّ انْطَفَا قَمَرٌ
وأَسْدَلَ المَسْرحُ البَحْريُّ أَسْتارَهْ
ولو تَقاذَفَهُمْ مَوْجٌ وعادَ بِهِمْ
فالبَحْرُ يا صَاحِبي قَدْ حَطَّ أَوْزارَهْ