السبت ٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم الشربيني المهندس

نجيب محفوظ الباحث عن الحقيقة

.. سئل الأستاذ ذات مرة .. من أنت في الحقيقة ..؟
أحمد عبد الجواد .. أم عيسي الدباغ ..أم سي السيد .. كمال ..ام سرحان البحيري أم ..
وقالت ابتسامته العريضة ـ في دنيا اللـه التي عايشها طويلا ـ أنه كل هؤلاء ..!!
نعم كان التنوع والثراء الفني سمة واضحة في أعمال الاستاذ ، والذي بدأ بحثه عن الحقيقة منذ حصوله علي البكالوريا حيث إتجه الي قسم الفلسفة طمعا في ذلك ..

.. نري ذلك في رواية قصر الشوق من الثلاثية الشهيرة والتي تتميز في المستوي التعبيري بالأساليب التي تقترب من الشخصية اقترابا حميما يجعل منها وسائل تعبيرية مباشرة بجانب تيار الوعي بالاضافة الي اللجوء لذاكرة الشخصية لعرض الاسترجاع ، وفيها يقول كمال :
.. يغلب علي ظني أنني سأتجه الي الفلسفة ..

وكأنها خواطر نفس يقول الكاتب علي لسان بطله :
.. انه الأدب متعة ساميه ، بيد أنه لا يملأ عيني .. إن مطلبي الأول الفلسفة فهي تجمع الكثير في وحدة منطقية مضيئة ..
وتستمر التساؤلات عن حقائق الحياة مع محاورات الأديب ..
هذا ما أروم معرفته من كل قلبي والتي تعد رحلتك حول العالم بالقياس اليها مطلبا ثانويا .
تصور أنني سأجد إجابات شافية ..!!ورغم انه كان يسجل أحيانا تعبيرا واضحا للحقيقة كما يقول الكاتب الفرعوني توني في قصة صوت من العالم الآخر :

بدا لي كأنه لا حقيقة في العالم الا التغير..

.. ومع التغيركان هـو الباحث عن الحقيقة والساعي الي التطـورمن الرواية التاريخية الي الواقعية والحديثة .. وهكذا تظل الحقيقة ضالته .. نجـد أن هذا الباحث لا يحصر نفسه في الفلسفة فقط ، فقد وجد في التصوف طريقا آخر لمعرفة الحقيقة ..
ويبدو ان نجيب محفوظ ولج هـذا الباب بطريقته الخاصة .. لذلك فقـد ظل متأرجحا طويلا بين الفلسفة والتصوف ..لكن المؤكد أنه إحتفظ للعقل بدوره حيث لم يغلب العقل علي سمت الفلسفة ، كما أنه لم ينتصر لسطوة التصوف ..
لقد أختار أن تنتهي رواية قشتمر بصوت صادق صفوان وهو يتلو ( والضحى والليل إذا سجى , ما ودعك ربك وما قلى وللأخرة خير لك من الأولى , ولسوف يعطيك ربك فترضى ... )

..ربما كان ذلك تأسيا بافلاطـون واسبينوزا وغيرهم ، إلا إنه استطاع الاحتفاظ بتوازنه بعيدا عن قاع الفلسفة ، كما أنه لم يسقط في بئر التصوف .. واستطاع الاحتفاظ برؤيته رغم تعدد التجارب حيث ان لكل من هـذه الفروع مفهوم خاص عنده ، كما ان الكل يؤدي إلي غاية معينة لديه ..وإذا ما بدأ التمازج في فكر أو خاطرة كان هدفـه الحقيقة بغلالتها الفنية ممتطيا الفلسفة أو التصوف أو كلاهما .. وربما كانت احلامه القصصية الأخيرة منهجا متميزا في ذلك .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى