الأربعاء ٢٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٧
بقلم أشرف الخريبي

هـــدى

آخر مرة في الحكاية لمحتها في الطريق, أوقفت الميكروباص و نزلت
سألتني . ما الذي جاء بي هنا ؟ فقلت أنها التي جاءت بي إلىّ و أنها مهما فعلت تطاردني في الأحلام و تقف على حد اليقظة والوعي و لا تجئ أبدا،كنت أراها فأسقط في حوار عينيها و أنس ما تقول.. أتأملها بعمري و ليلى أفرش القمر ،السماء \النجوم والليالي ، أبتلع ريقي ألاف المرات،أقف أمامها كتلميذ يتهجى الكلمات و الحروف ليقع في مصيدة الزال و الذين زى ما أنتي عارفة أنا..غير أنى اسقط في محاورات عينيها فأنسى وتضحك مثلما كنا قديما نضحك، تلعب الشطرنج في ذاكرتي بعناد حقيقي، تتأمل نزق الشوق في عيوني و توتري المستمر حين أراها أصمم على المشهد الأخير في فيلم عبد الحليم حافظ و هو يعانق البطلة عناقا فاحما صاخبا و يكتب المخرج النهاية عند الشفاه المتقابلة و بالضرورة في أماكن أخرى تقول أنى لن أتغير و أنى صعلوك كبير, هكذا كانت دائما تقول لا تهمني الحكاية و لا التفاصيل الدقيقة ولا حتى التفاصيل الهامة يدها و هي تمتد تتلمس أصابعي .تقيم حوارا تاريخيا بين جميلة الجميلات وشهريار تجمع بين العلويين و العباسيين.هذا هو الأهم
حين تجمع أطراف التناقض في حوار تاريخي طويل ينتهي بمعاهدة صلح
وعناق ،بروتوكولات دولية لا أول لها و لا أخر يشاهدها الناس عبر إذاعات
و محطات العالم بين الأشقاء و الأشقياء معا ، في النهاية أحضنها في حجرة دافئة خاصة 0 بعد أن تسكت كل الطبول و المزامير و يتوقف الآخرون عن النظر إلينا، أين أنت ذاهب ؟ أبحث عنك في كل ركن
 عنى أنا
 نعم عنك معي و أنت و أنا معا
 و لماذا الأن
لأنني لم أعد أطيق أن تمتد يدي فلا أراك أن أنظر لجسد سيدة تمر في شارعنا ألمح بعض خطوتك أو حاجب يشبه حاجبك أو نظرة عين من عينيك أو أي شئ يتجادل معك هل أنام في عيون غزال برى متوحش و أنت هنا هكذا أمامي، تقفين و تحاكمين أيامي التي مرت ... تحاصرين الظلال الوقت و المساء و الطريق تقيمين لحظة أخرى للوجود،أنا وحدي خائف فزع تائه في غيم و سحابة تمطر أو كأنها ستمطر/ تضاريس أفريقيا حين أشرحها في الفصل للأولاد تسقط من يدي نحو غرب أوربا و لا يفهمون معنى أن يتحرك الثلج ليصير نارا أو بركانا ينفجر الآن الأرض لا تطيق و أنت جذوتي و شوقي الدائم فهل تقولين لي كيف تمر اليد على الأخاديد و البساط على الماء. في ألف ليلة وليلة ’سهر الشوق في العيون الجميلة...حلم الآه.. ترى الهوا ما أن يطيل و حديث في الحب أن لم ..لا أفهم كيف لا يفهمون خطوط الطول و دوائر العرض التي قضيت عمري أحكيها لك . كيف أنها تمر عبر سحابات عمري فتصنع الفصول و الأيام من حيث كنا قد وقفنا في منتصف الحواس, في أخر طريق طويل مضيت أبحث عن الأصدقاء القدامى الغائبين أبحث في المتاهة، في العلاقة نفسها تدوسني التفاصيل و يمضى صمتها مع زينب و سعاد و آخرون كثيرون يمضون, تنقطع العبارة و الحديث. البسمة الخفيفة بحركة الجسد الدائري كاسطوانة حديدية .أراني في هذه الأيام, حفنة من الوجع الأبدي في فناء واسع نقيم حولنا حصون من ردود الأفعال حول ما قيل في الندوة الأخيرة و عن رأى الدكتور سامي في شعر أيمن و عن رأيه فيما قاله كريم نفس ذلك الحماس الخالد و السذاجة الخطوات الأولى الحثيثة نحو مالا نعرف كي نرى، نخط أبجديات الصبا .الالتفاف حول عناصر الموقف, نتحدث بشكل نهائي عن قناعتنا وعلاقتنا بذواتنا المليئة بالإبر الصينية عن الوجع و العتمة الطريق الطويل كنا نضحك كثيرا ....اخذ هدى في ناحية خفية ،ألثمها بسرعة على وجهها تنظر في فرح خائف على و تقول أنى صعلوك كبير و بعدين أخرتها أمسك يدها و أجذبها إلىّ ، أهيم بكلمات جميلة لعيونها العسلية و أقول أنه مشهد في فيلم عربي قديم ، تحدثني عن الأساطير والحكايات التي ملأت رأسي تقول أنى خرب بما يكفى حد الهوس و أن أسمى كأسماء الآخرين و لكنه ملئ بالشجن أسألها عن حبي لها و كيف تراه ؟

تجرى و تقول أن ميعاد الندوة يحين الأن و لكنى أحن ألاف المرات لعيونك و جسدك الزئبقي يفر من بين أصابعي ناشرا في صدري رائحة الحياة مفعما بالضجيج اللذيذ أتمنى أن أخذك في عمري كل عمري
تقول: أنها لا تزال تحترمني و إذا لم أبطل هذا سوف ...
أنا لا أضحك يا هدى أنت الأولى والأخيرة في حروفي أنت القاعدة فوق وسادتي و كتبي. أشواقي و حصاري على هذا الورق الجميل أسمع صوتك صراخ في كل المنحنيات في الأماكن الفارغة و شوقي إليك بلا حدود
يسألني نبيل السؤال ذاته 00 أتحبها ؟

أفتح عيوني على أخرهما و أود أن أبكى أود أن أصرخ في وجه العالم في العلاقة بين اللغة و الكلام . بين الكلام و بين الكلام هكذا يا هدى من حيث كنا قد وقفن في منتصف الحواس نعبر بوابة الحلم القديم، ندفن كل شئ للرمال، أسافر في رحلة لبلاد الذهب الأسود, لكنه كان لعينا بما يكفى كي أمر من ثقب ضيق تحطني رحلة لتأخذني أخرى ولا أفقدك أبدا أضع صورتك أمامي حين أخلو لنفسي، أعبر فوق كل ما مر بخاطري من شعر وأغاني تلتصق بالذاكرة بملابسي المعطرة \علبة السجائر المار لبور و الولاعة الأنيقة الشارب الطويل \ وجهي الأحمر المتورد. جسدي الضخم بما يكفى كي تنسد الدنيا في وجهي أعود أحمر كتراب الوطن بلا رائحة0 تفرح أمي نعم, يفرح أخوتي نعم, أحمل الهدايا لهم . أترك كل شئ و أذهب لحجرتي كي أنام, أضع يدي فوق مفتاح الكهرباء القديم المكسور . أحن لهذه اللحظة في الذاكرة أسكت و أتظاهر ببراعة الفهم لمعرفة الفرق بين هذا المكان و بين التكييف وغرف الخمس نجوم أبحث عنك في أركان هذا المنزل القديم زمان. وصور معلقة على الحائط المشروخ الموجوع بما يكفى أو فوق قلبي المجروح و عمري الفائت أفرح حين أراك أخر ما تبقى من عناقيد الكلام صور و حكايات و ذاكرة ساذجة مطر يتساقط من الغيم ،حين نجلس متجاورين فى التاسعة صباحا تجيئين أعبر معك كل المسائل ثم ترحلين ثانية في حدود الرابعة حتى لا تغضب أمك أظل في تيه وحدي أمر من حائط لحائط من حوار إلى حوار من نبيل إلى جمال إلى على ألمح عينيك في الحوار و الضحك ... وأسرح أسكت أقول أنى معهم و لكنى لم أكن أعرف إلا ابتسامتك العذبة و عينيك الصافيتين, أمد يدي نائما فيضربني نبيل و يقول اصح أنت فين . أضحك و تضحكين من هزاري الدائم يا أخي و لا كلمة واحدة جد
الجد أنى أجيد التواجد في جمال جدائلك الجليلة وأجمل من جمال وجهك ما يجاوره الجنون و أتعامل مع عينيك بحق و حقيقي, أفهم رقتك على حقيقتها رقتك اللاذعة لكل الحواس, الفاتحة نهرا متوهجا في شراييني المطمئنة لتفتح أوردتي على رائحة زهورك التي ابتلعت ندى أنفاسي . هاأنذا أقبلك قبلة واحدة على جبينك .. أفتح ذراعي على أخرهم باسطا أصابعي ناحيتك و لكنك تهربين ضاحكة .... (مفيش فايدة)

هل هكذا أكون جادا يا هدى .حين ذهبت أقص حدودي و أنت تروحين تضيعين منى، تتزوجين واحدا غيري و تنجبين طفلا على أسمى تسميه. تبقين رائعة كي تبقى الدهشة في أفقي ترجمان أخير للحواس الناضجة، أبحث عن سبب أخر للوجع سبب حقيقي و جاد لكنى أسقط في منتصف الحواس باحثا عن الأصدقاء القدامى، في هذا الليل المتوحش. نفس ذلك الحصار \ حصار الأنفاس التي تتفاوض مع الكمبيوتر ليحسبها له.بين تراب الوطن في حجرتي القديمة وغرف التكييف في كل مكان. كم بقى من اليوم ؟ عدد غير كاف من الساعات .مساحة أخرى تتخدر في الذاكرة تزيد باسقة ، مُعلنة عن الضجيج,, عن روعة الحوار و فخ البحر ماذا تقولين في الهاتف: آمي ماتت. جارتكم الوحيدة نعم
و مفتاح الكهرباء القديم لا معنى له . و البيت أبو سلالم طينية أصبح شقة فاخرة .و أنا في الأربعين و لم أتزوج بعد .
هكذا تغير كل شئ يا عمري و أنت مزروعة في كياني يا هدى.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى