وداعاً أبو عنتر

في موكب مهيب شيعت بلدة (جرمانا) بالقرب من دمشق الفنان الكبير ناجي جبر (أبو عنتر) .. هذا الفنان الذي صارع المرض على مدى بعض الأشهر ليلاقي وجه ربه .. حامل معه إرثا فنياً كبيراً، وزمناً مليئاً بالعطاء المتدفق.. فأبو عنتر الذي اشتهر مع غوار الطوشة، وحسني البورظان (نهاد قلعي) وأبو صياح.. عمل في المسرح والتلفزيون والسينما فكان فناناً قديراً بحق، وفناناً يتسم بالأخلاق العالية، والتهذيب المعروف ..

فقد ولد ناجي جبر في مدينة (شهبا) محافظة (السويداء) عام /1946/ ثم عمل بالفن مع أخيه الراحل محمود جبر ممثلاً كوميدياً قل نظيره. وهو أحد أعمدة فن الكوميديا في سوريا..

أحب الناس كثيراً شخصية (أبو عنتر) كما أحبه في شخصيات أخرى، وكان آخرها في مسلسل (بيت جدي) ..

وظل مواظباً على العمل ومتابعاً وملتزماً بمواعيد التصوير حتى آخر أيام حياته .. فقد اتصلت به منذ أكثر من شهرين من رحيله فأخبرني أنه متوجه إلى (حلب) حيث يصور مسلسلاً جديداً لرمضان القادم.. وهو الذي بقي يحترم الفن والجمهور ولا يعمل إلا ما هو مفيد للناس .. لكل الناس. ظل أبو عنتر واقفاً على خشبة المسرح حتى سنواته الأخيرة وكان يصر أن يبقى المسرح حياً في دمشق وسوريا .. رغم كل الصعاب، كما أصر على أن لا يقدم مسرحاً هابطاً كغيره من ممثلي القطاع الخاص .. فكان مسرحه نظيفاً بعيدا عن الإسفاف، ويحترم عقل المشاهد، وروحه.. وعاداته وقيمه .. حافظ على رسم الابتسامة على شفاه المشاهدين وبقي مخلصاً لعمله ونتاجاته .. يحترم الصغير والكبير، ويتعاطف مع الجميع .. ويلامس هموم الناس في مسرح ناقد آثر أن يبقيه كذلك رغم كل المشاق والمعوقات .. رحل عنا (أبو عنتر) لكنه باق فينا ومعنا بأعماله الفنية التي خلدته وستخلده مع مجموعة فنية ما برحت تمسك بدفة الأعمال الكوميدية الجيدة النظيفة .

فهنيئاً لك ناجي جبر فقد عشت محترماً ورحلت كذلك..

وستبقى في عقولنا وذاكرة الأجيال مابقيت أعمالك الرائعة.