السبت ٢٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم محمد أبو عبيد

اللغة العربية.. والعرب الجدد

حتى لو كانت للغة العربية قادرة على أن تنادي عربياً حياً، لما أسمعته بعد أن باتت لا تقلقه نذر اندثارها. الكثير من الوظائف التي تكون فيها اللغة العربية السليمة بمثابة أحد المكونات الأساسية لنجاحها، لم يعد يبالي بأهمية اللغة السليمة نطقاً وكتابةً، والحجة دائماً أن اللغة العربية الفصحى ثقيلة إذا ما هبطت على مسامع العرب "الجدد"، وهذا عذر أقبح من ذنب.

صحيح أن البرامج الترفيهية تكون أخف على السمع عندما تقدم باللهجات المحكية، في ظل النظرة السائدة، وهي خاطئة، أن مستخدم اللغة الفصحى يكون في العادة جامدا ولا يستطيع بث النكات ولا الطرائف. وصحيح أيضا أن الصورة تصبح نشازا إذا كان مذيع "يتفصح" لغوياً ويحاور عارضة أزياء أو أهل الفن من الجنسين والذين بالكاد يجيدون حتى الحديث بلهجاتهم. فليرفع العتبُ في هذا السياق.

لكن لا عتب سيُرفع عن عمل لا يتطلب إلا الفصحى كلاما ً وكتابة ً عندما تصبح الأخطاء قواعد سليمة في نظر مستخدِميها.!!المسلسلات التاريخية، مثالاً لا حصرا ً، توظف الفصحى في كل حلقاتها من الدقيقة الأولى إلى الأخيرة. ورغم وجود المدققين اللغويين إلا أن الأخطاء تظل موجودة في كلام الممثلين وكذلك في مقدمة وخاتمة الحلقة التي تظهر أسماء طواقم العمل. ثمة أخطاء من المفترض أن لا يقع فيها طالب الصف الابتدائي، كإضافة حرف الألف إلى جمع المذكر السالم المضاف، فنقرأ: مساعدوا التصوير... مشرفوا إضاءة... وهي ليست ألف الجماعة المقرونة بالأفعال ساعدوا... أشرفوا... كتبوا... وهذا ما تعلمناه في الصفوف الابتدائية، ومع ذلك تجد هذا الأمر من أكثر الأخطاء شيوعاً رغم سهولة تجنبه، وقِسْ ذلك على الكثير من الإعلانات التجارية.

وسْط زخات الأغاني الهاطلة علينا، منها ما هي بالفصحى شكلاً، لكنها نحواً وصرفاً كان الله في عونها، فصار المهم تلحين كلام "فصحوي" لا فصيح، دون مراعاة صواب صرفه، ولعل ذلك على قاعدة أن المتلقي لمثل هذه الأغاني هيهات له أن يفرق بين الفاعل المرفوع والمفعول المنصوب.

المجلات والصحف والمواقع الالكترونية فعنها حدّثْ ولا حرج، وإن كان إحصاء أسمائها وحدها في حاجة إلى عشرات الصفحات. القليل منها ما انفك متمسكاً بالضوابط اللغوية بكل مناحيها، والكثير الباقي لم تعد هذه الضوابط ضمن الحسابات المهنية والمتطلبات الاحترافية بالنسبة إليه. والأمر لا يتطلب جهودا في استحضار الأدلة، إنما فقط تمكن في معرفة اللغة حتى يستخرج مئات الأخطاء. لعل عدم وجود خطأ واحد في أي عمل هو من المستحيلات حالياً خصوصا في حالة التحدث بالفصحى، لكن الممكن هو التقليل من الأخطاء قدر المستطاع.

هذه العلة تفشت كذلك في النشرات الإخبارية على أكثر من شاشة، والتي، إلى جانب أخطاء الصرف، أضيفت إليها أخطاء اللفظ، ليصبح "الضاد" منطوقا "دالا" أو "ظاءً". و"الطاء تاءً"، و"الصاد سيناً". أما إذا أخطأ متمكن من لغته العربية في لفظة غير عربية كعدم التفريق بين ( B وP) أقام منكلو اللغة العرب الدنيا عليه ولم يقعدوها دفاعا عن لغة الغير، ولغتهم أولى بالإتقان والدفاع.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى