الأربعاء ١٧ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨

أمي

بقلم: أحمد فايز القدوة

أعذرني أيها القلب لأني أتعبتك كثيراً في البحث عن أمي التي وجدتها ضمن المغيبين المغتابين من الناس والأهل، صدقني يا قلبي لأنك الوحيد الذي تعرفني عن قرب قبل كل الأشياء التي نسيَتها أمي قبل رحيلها إلى العالم الملائكي أنني طامع في قلب مثلك أجده بين هذه الأكوام البشرية..

أعذرني أيها القلم لأني كتبت يوماً منافقاً في أحبارك الرصاصية ورسمت فيك مدينتي المظلمة مثل ما رسمته خطوطك وظلها قاتم السواد، فإنني أيها الناطق بالرصاص لن أخون وعدي بفضح هؤلاء الذين يستغلون أقمشة أمي الزيتية لشطب تاريخها فقط لأجل خوفي من رصاصك يا قلمي...

صدقني إني على الوعد والعهد ولن أخون أمي في منامها، صدقني أيها الوجع الساري في شراييني منذ قرار الرحيل عن مدينتي المدمرة التي تغطيها سحابة سوداء كسواد آبار النفط العربية أني لن أخون الطريقة المثالية التي سلكتها أمي في الحياة…

أمي... حقيقة أعذريني لأني لم أحمل همك ليلاً ونهاراً وأنت ترقدين بدفئك فوق أجسادنا لتحمينا من برودة العالم الغريب، صدقيني أيتها الملائكية أن الأشياء التي جعلتني عبارة عن آلة في يد الآخرين اليوم غابت عن ذاكرتي ولاشيء يخيفني من شيطان الخوف... صدقيني..

أمي...

قلبي مل كثيراً من الفراق والغربة ولا يخوض إلا حرباً ضد الأحقاد بعد شراسة حربك على الشيطان البشري، لا تتركيني بين الأصفاد والأغلال المصنوعة من الذهب على يد ملك الفرس بل إحملي ما تبقى من جسدي وغادري إلى مدينتك الملائكية، ولا تنظري وراء ظهري وتصفو عيناك عند القذارة التي صنعتها يدي بل تجاوزي كل الآفاق التي أمامك ولا تنظري إلى ما خلفّته وولدّته الظروف..
حبيبتي النائمة الهادئة الصادقة الصامتة في نومها، لا تتركيني وحيداً بين القضبان أغني لحنان الأم، ولا تجعليني مثل الشعر في قصائد الشعراء في حبسهم وثوراتهم.

أمي...

رومانسيتي أصبحت اليوم نموذجاً استثنائياً على كوكب الأرض وتخطت كل صعب قلا تلوميني على ما فعلت بوما برحيلي من سجني إلى عالم الغربة،
أمي.. أعذريني وأقبلي أسفي عن اختراعي للحب في زمن اللا حب.

أمي.. قلت لك ذات يوم أني راغب في شهادة ملائكية تمحو بعضاً من همومي...
صدقيني أني أحن إليك.. أمي.

أمي كل شيء مل مني ولا يفقه الناس قولي، تحدثي عن انتصارات قالوا إنهم حققوها ولكن لا تكوني مثلهم وتنسي أن تحمليني إلى عالمك الملائكي كي أنسي أني إنساني.

أمي تلك المصيبة التي تحدثوا عنها أن الخوف والضعف ليس لهما مكان في أروقة الحكومات العربية فالضعف لم يكن يوماً وهماً في بيوتنا لانه مزروع فينا، تلك مصيبتنا يا أمي.. الآن هل أصبحتي تدركين لماذا أريد الهروب معك، لأننا يتامى بلا مأوى ولا سيادة..

أمي أنتظري رحيلي غداً سأكون معك، فلا تتركيني...

بقلم: أحمد فايز القدوة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى