الأربعاء ٢٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٩

أفلام الإنتاج المشترك في السينما المصرية

كتاب جديد لـأمل الجمل يقع في 416 صفحة، صدر عن سلسلة آفاق السينما، هيئة قصور الثقافة

المقدمة

فى النصف الأول من القرن العشرين كان ضعف السوق المحلى أحد المشاكل الخطيرة التى واجهت صناعة السينما فى العالم، وهي المشكلة التى عانت منها السينما الايطالية، والفرنسية، خاصة فيما بعد الحرب العالمية الثانية. المشكلة ذاتها واجهت السينما الأسبانية واليوغسلافية فى أوائل الستينيات.. لكن هذه الدول لم تستسلم، فإلى جانب بعثات التسويق، واقامة أسابيع الأفلام فى الخارج، اهتمت بعقد اتفاقيات الانتاج المشترك بينها وبين الدول الآخرى.. عُقدت الاتفاقيات بين رجال السينما الايطالية والسينما الفرنسية، وبمقتضاها أصبح الفيلم الايطالى لا يعامل معاملة الفيلم الأجنبى داخل فرنسا، ومثله الفيلم الفرنسى داخل ايطاليا.. وعقدت اتفاقيات مماثلة بين ايطاليا، وانجلترا، وأسبانيا، ويوغسلافيا.. أمريكا هى الأخرى أدركت أهمية السوق الخارجى، فاعتمدت عليه لتغطية نفقات الانتاج، لأن السوق المحلى لا يغطى سوى 75% من تكاليف الفيلم.

كانت السينما المصرية هى الأخرى تعانى منذ الأربعينيات من ضعف السوق المحلى، الذى كان يأتى بـ 40% فقط من ايرادات الفيلم.. فحاولت فتح أسواق جديدة أمام الفيلم العربى.. أن الانتاج المشترك سيكون نافذة للفيلم العربى على أسواق العالم جميعا.. وبدأت أولى تجارب الانتاج المشترك فى مصر عام 1946م مع فرنسا، ثم ايطاليا، وأسبانيا، لكنها كانت محاولات فردية لا تساندها الدولة، ومن ثم لم يكن لها الأثر المرجو فى تطور السينما المصرية، وتوسيع أسواقها. ثم شارك القطاع العام ـ متمثلاً فى الشركة الحكومية كوبرو فيلم ـ ابتداءً من عام 1963 في انتاج عدد من الأفلام المشتركة لكنها فشلت تجاريا، وهاجمها النقاد.. عدوها كارثة قومية، ضاع فيها رأس مال الشركة المقدر بنحو نصف مليون جنيه مصرى فى ذلك الوقت.. بعدها توقف الانتاج السينمائى المصرى الأجنبى المشترك في الفترة مابين 1972- 1985. حيث شهد منتصف الثمانينات بداية مرحلة جديدة من الانتاج السينمائى المصرى المشترك مع فرنسا. مع ذلك شهد عام 1985 بداية مرحلة جديدة من الانتاج السينمائى المصرى المشترك مع فرنسا. تم معظمها عن طريق شركة أفلام مصر العالمية، أخرج منها يوسف شاهين نحو ثمانية أفلام مشتركة مع فرنسا، وظهر مخرجين آخرين في إطار هذا الإنتاج مثل: يسري نصرالله، عاطف حتاتة، أسماء البكري، خالد الحجر.

في النصف الأول من السبعينيات ظهرت عدة تجارب سينمائية مصرية مشتركة مع عدد من الدول العربية منها لبنان مثل حبيبتي، وأجمل أيام حياتي والفيلمين من إخراج هنري بركات ومن إنتاج عام 1974.. كان المستوى الفني للفيلمين متواضعاً. لكن على مدار السبعينيات وأوائل الثمانينيات ظهرت تجارب آخرى مشتركة بين منتجين سينمائيين مصريين وبين شركات إنتاج جزائرية. أخرج يوسف شاهين منها ثلاثة أفلام مهمة في تاريخ السينما المصرية والعربية هىّ: العصفور عام 1974، وعودة الابن الضال عام 1976، إسكندرية ليه عام 1979. وأخرج خيري بشارة الأقدار الدامية عام 1982.. ثم ظهرت تجربة فيلم عصفور الشرق عام 1986 وهو إنتاج مشترك مع إحدى الشركات السعودية. وجاءت تجربة فيلم ناجي العلي 1992، وهو إنتاج مشترك بين شركة إن. بي فيلم ومجلة فن اللبنانية. وجميع هذه التجارب جاءت بعيداً عن الدعم الحكومي.

مشكلة الدراسة

الإنتاج السينمائى المصرى الأجنبى المشترك ـ وكذلك العربي الأجنبي المشترك ـ كان، ولايزال من القضايا الشائكة، محل الخلاف الدائم بين عدد كبير من السينمائيين، والنقاد، والمفكرين. البعض يدينه ويشكك فى نواياه وفي توجهاته الإعلاميّة، البعض الآخر يرحب به.. لكن تقييم التجربة يحتاج الى مناقشتها من منظور إعلامى، تاريخى، اقتصادى، وثقافى، وسياسى، للوقوف على ايجابياتها وسلبياتها، نقاط قوتها، ومكامن ضعفها. ويمكننا صياغة مشكلة الدراسة فى سؤال أساسى ننطلق منه هو: هل رأس المال الأجنبى المشارك فى انتاج هذه الأفلام أثر على طبيعتها سواء من حيث الشكل، أوالمضمون؟. هذا بدوره يتطلب طرح عدة أسئلة فرعية منها، ما هى التوجهات الإعلاميّة لأفلام الانتاج المشترك مع الدول الأجنبية؟. ماهى التيمات، والموضوعات التى طرحتها هذه الأفلام؟. هل موضوعات تلك الأفلام تمس واقع المجتمعين المصرى والعربي، وتعبر عن مشاكلهما؟.. هل تمتعت تلك الأفلام بقدر من الحرية لم يعد متاحا للسينما المصرية الخالصة أو العربية الخالصة؟. هل تعرضت موضوعاتها الى المحرمات، والممنوعات فى السينما المصرية والعربية؟. ماهو تقييم الرقابة لهذه الأفلام ؟. لماذا فرنسا دون غيرها؟. وهل يُعد الانتاج السينمائى المصرى الفرنسى المشترك حقاً هو الأكثر قيمة بين كل الانتاج المصرى الأوروبى والمصرى العربى بدءا من فيلم أرض النيل 1946 وصولاً الى فيلم باب الشمس 2004 والذي حرم من الحصول على الجنسية المصرية لأسباب مالية ؟ وفضلا عن كونه الأكبر عددا اذ بلغ نحو ثمانية عشر فيلما روائياً طويلاً فهل يُعد معظمها حقاً من العلامات الهامة فى تاريخ السينما المصرية والعربية؟؟. هل كان من الممكن انتاج هذه الأفلام برأس مال عربى؟. أيهما أكثر أهمية فى تاريخ السينما المصرية تلك الأفلام المنتجة برأس مال عربى، أم تلك المنتجة برأس مال أجنبى؟. فى النهاية تأتي هذه الدراسة كمحاولة للإجابة على بعض أو كل هذه الأسئلة بأكبر قدر ممكن من الدقة العلمية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى