الأحد ٣١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠

أثداء السعوديات ومدى أهميتها

وجيهة الحويدر

كيف يكون للمرأة السعودية ثديين صحيين وهي معتلة نفسياً ومقهورة اجتماعياً وسياسياً؟ أليست الأنثى السعودية إنسانة قبل إن تكون انسانة بثديين؟؟ هل فكرن المشرفات على الحملة أن الامر يحتاج لمعالجة الكثير من القضايا الحقوقية من أجل حماية المرأة ككائن وليس من اجل حماية ثدييها فقط؟
اثداء السعوديات ومدى أهميتها!!

تظل السعودية أرض العجائب حقيقة، فما يجري فيها من تناقضات يفوق ما يتحمله العقل، ويتعدى ما تدركه الاحاسيس، آخرها الاهتمام بأثداء السعوديات بدون احداث اي تحسين على اوضاعهن.
دشنت في شهر اكتوبر 2010 حملة نشطة على مدار الساعة. فقد قام المسؤولين في الأمة السعودية من شرقها الى غربها ومن جنوبها الى شمالها على قدم وساق بحملة منظمة من اجل حماية اثداء النساء في السعودية من سرطان الثدي وتوعيتهن عنه، وكأن السعوديات اثداء بلا اجساد ولا ارواح ولا مشاعر.
تلك الحملة اُطلق عليها "وقفة نساء" كانت دعوة جميلة ومشرفة تبنتها وزارة الصحة السعودية، ودعمتها بعض الاميرات وسيدات في المجتمع، لنشر توعية شاملة عن مخاطر سرطان الثدي، حيث اعلن في السعودية عن تحطيم الرقم القياسي العالمي لأطول سلسلة بشرية "نسائية وردية" في العالم مكونة من اربعة الاف امرأة من سعوديات وغيرهن. احتشدن تلك النسوة بأوشحتهن الوردية في مجمع وزارة التربية والتعليم الرياضي بمدينة جدة وشكلن سلسلة بشرية وردية اللون، وهي الرمز العالمي لحملات التوعية من مخاطر سرطان الثدي. اقتصرت على النساء بسبب قانون حظر الاختلاط المعمول به في البلد.

حقيقة لا بد من تقديم الثناء والشكر على هذه الجهود الجبارة المبوذلة من اجل اثداء النساء السعوديات المعدمات من حقوقهن وكرامتهن. تظل تلك الحملة الرائعة خطوة مضيئة تنير بشكل ضئيل في سواد حالك يحيط بالسعوديات من كل حدب وصوب.

بعد انتهاء تلك الحملة وتفكيك السلسلة البشرية الوردية التوعوية، هل ياترى ستظهر غيرها من حملات من اجل امور تخص النساء في هذا البلد بنفس الدرجة من الاهمية؟

من المعروف واحد من اسباب الامراض السرطانية هو الحالة النفسية القلقة، والضغوط الخارجية والتوترات الدائمة بجانب عوامل كثيرة اخرى. حسب الاحصائية الرسمية ان سرطان الثدي يُعد من اكثر انواع الاورام السرطانية الخبيثة انتشارا في السعودية، حيث يصيب اكثر من ستة في المئة ممن يتعرضن للسرطان في البلاد.
كيف تـُقلل تلك النسبة المروعة؟؟ هل تكفي الشعارات والحملات والسلسلات الوردية؟؟ بالطبع هذه لها دور في التوعية ومكافحة المرض، ولكن ليس لها دور كبير فيما يجري للنساء من قهر واضطهاد قبل الاصابة بذلك المرض الخبيث.

ربما من المهم ان ننوه للمسؤولين عن الحملة ان النساء السعوديات لسن اثداء فقط، فهن كائنات بشرية يحتجن ما يحتاجه جميع البشر في العالم.

الآن كيف يكون للمرأة السعودية ثديين صحيين وهي معتلة نفسياً ومقهورة اجتماعياً وسياسياً؟ اليست الانثى السعودية انسانة قبل ان تكون انسانة بثديين؟؟ هل فكرن المشرفات على الحملة ان الامر يحتاج لمعالجة الكثير من القضايا الحقوقية من اجل حماية المرأة ككائن وليس من اجل حماية ثدييها فقط؟

فلننظر في بعض الحقوق الشرعية الاساسية المحرومة منها المرأة السعودية لكي تكتمل صورة اسباب الامراض التي تتعرض لها السعوديات بنسب تفوق نساء العالم الاخريات:

 أين حقها كطفلة وكإمرأة في ان تمارس الرياضة كي تبني جسماً سليماً متعافياً؟
 أين حقها في التعليم كي تدرس ما ترغب فيه لتبني مستقبلها؟
 أين حقها في العمل كي تصبح عضواً فعالاً ومنتجاً في المجتمع وتستقل اقتصادياً؟
 أين حقها في الزواج بمن تريده لكي تكون لها اسرة متحابة وتعيش حياة كريمة؟
 أين حقها في التمتع بطفولتها من غير ان يُزج بها في زواجات تجارية من مسنين في عمر جدها؟؟
 أين حقها في العلاج حين تتعرض لأي مرض ومنها سرطان الثدي وتحتاج لاجراء عملية جراحية؟
 أين حقها في احتضان اطفالها في حالة انفصالها عن زوج متعسف وظالم؟
 أين حقها في السكن حين تريد ان تستقل بذاتها سواء كانت عازبة او مطلقة او ارملة؟
 أين حقها في الطلاق ودخول المحاكم بدون محرم يمثلها؟
 أين حقها في دخول دائرة الاحوال المدنية والجوازات من اجل الحصول على اوراقها واراق اولادها الثبوتية؟
 أين حقها في اعطاء ابناءها وزوجها الجنسية واحتضان بلدها لهم؟
 أين حقها في تولي مناصب في مراكز القرار مثل مجلس الشورى ومجلس الوزراء والسفارات وغيرها؟
 أين حقها في التحرك بحرية بسيارتها من اجل ان تقوم بشؤونها وشؤون اسرتها الخاصة؟
 أين حقها في السفر مثلما كانت تفعل والدتها وجدتها قبل اصدار قانون التصريح من محرم؟
 أين حقوقها الكاملة كراشدة وكمواطنة وكإنسانة ؟؟

ربما لم يكن ذلك كله او اي منه من اختصاص المشرفات على حملة "وقفة نساء"، وربما لم يجدن اي ربط بين ثديي المرأة وسلامتهما، وبين حياتها اليومية المزرية وصحتها النفسية. أو ربما لأن تلك الامور من الصعب التطرق اليها طالما ليس هناك رغبة حقيقية من القائمين على هذه الدولة لإحداث اي تغيير في اوضاع المرأة، لذلك لا داع لتضييع اي وقت او بذل اي مجهود فيها.

توجب القول طوبى لكن يا سعوديات، فقد ادرك المسؤلون في الحكومة ان اثدائكن اهم بكثير منكن. ستقوم جميع الجهات الحكومية المعنية بأمر اثدائكن وعلى رأسهم وزارة الصحة بالعمل ليل نهار على مكافحة سرطان الثدي واي مرض آخر قد يسبب لها اذى، فالحق لا بد ان يٌقال ان للسعوديين مواقف مشرفة في انقاذ الاثداء الجميلة، حتى في اشد الظروف التي عصفت بالأمة، فعلى حسب ما عُلم انه اُرسلت طائرة سعودية خاصة على وجه السرعة الى لبنان في حرب 2006 لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الاثداء اليافعة، واهمها ثديي "هيفاء وهبي" المفعمان بالسليكون والاثارة. وبالتأكيد لن يتأخروا ابدا في حالة لو قامت حروب اخرى تهدد اثداء النساء الفاتنات.

تبقى التساؤلات تحوم في الأذهان بلا إجابة، الى متى سيظل حال المرأة السعودية هو اسوأ احوال نساء العالم؟ والى متى مطالبهن لا تعني المسؤوليين في هذا البلد ولا تهمهم؟؟ هل باتت حقوق السعوديات وحفظ كرامتهن أقل اهمية من اثـدائهن؟؟ ربما .. فكل المؤشرات تدل على ذلك......

مرات القراءة: 116 - التعليقات:

وجيهة الحويدر

عن منبر الحوار والإبداع السعودي


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى