الأحد ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠١١
بقلم محمد أسعد قانصو

خطايا..

.. تراه بين أترابه لا شيء يميزه, الجبلّة البشرية واحدة, استدارة الرأس, تمركز العينين في أعلى الوجه, الشعر الأسود الناعم, البشرة السمراء, حبّه للهو واللعب, براءة الأطفال, صفاء السريرة ..

لا تستفزّه همهمات النّاس وابتساماتهم الماكرة, ولصغر سنّه فهو لا يدري أنّ اللعنة ستلاحقه حتى النهاية, وأنّه مهما تطاول الزمان سيبقى ابن الخطيئة ..

على العتبة كانت بدايته, حيث تلقفته يدا أحد المحسنين, وكان القرار بتبنّيه تقرّباً إلى الله وحده, ورحمة بمن جاء إلى الدنيا دونما إرادة وإنّما بمحض السقوط ودناءة الموقف!..

يعيش بين أخوة له تجوّزا, يقاسمهم الطعام والسكنى, ووالداه المصطنعان يفيضان عليه إحساناً وحبّاً وشفقة, ويحرصان على وأد سرٍّ حبذا لو أعانت الفضولية عليه ولم تعمد إلى نبشه عدوانيةً وتشفيا ..

" اللقيط".. أحرف بالعربية الفصحى تستعيد هويته الضائعة, وتجمّل تسميات أخرى يتداولها أهل الحيِّ ويطلقونها على أمثاله ..

أينما حلّ ترافقه علامات استفهام لصيقة, ترى أيّ ساقطة تلك التي انقادت خلف جماح غريزتها فحملته, وحين ضاقت به الرحم القاسية لفظته ؟! ومن صاحب النطفة المشؤومة الذي تعمدّ جريمته بحق الإنسان ؟!..

تساؤلات لا تجد ضالتها أبدا, وبسوء ظن تحطّ كذباب شتويّ على بعض الوجوه تخميناَ وافتراء, ولكن سرعان ما تغادر التهم نادمة لأنَّ بعض الظنّ إثم !!..

وتبقى الحقيقة مجهولة, متخفّية في أزقة الحيّ الضيقة, وعلى عتبة الجامع العتيق تحتفر آثار الجريمة, لا يجرؤ طهر الصلاة على إخفائها, ولا ترانيم المئذنة الصدوح على إخفات صداها ..
ويبقى "اللقيط " رهينة بيد المُرتَقب, يكبر ويستمر معه العقاب على جريمة لم يقترفها, ويتجرّع مرارة خطايا من استقالت عقولهم, وتجمّدت قلوبهم, واستخفتهم الغرائز!..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى