السبت ٢٣ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧

الفكر أداة الثقافة

ايهاب رشوان

فى بعض الأحيان يعجز الانسان عن تفسير ماهية وجوده فى هذا العالم أو يطول بحثه عن ايجاد فلسفة مناسبة يمنطق بها طريقة معيشته واسلوبه فى التفكير لكنه سرعان ما يلمم أفكاره محاولا اجتياز ما يمر به من خلل أو عطل فى نظامه الفكرى وهنا تكمن المشكلة فى كيفية اجتياز هذا العطل دون التأثير على اى نظام اخر من الأنظمة وعدم المساس بالافكار العامة أو القيم والاخلاق.

ومن ناحية اخرى فانه اذا وقف هذا العطل على التماس مع الافكار المرتبطة با لعرف فانه يعتبر عطل محمود العواقب خاصة وان كان هذا العرف نوع من أنواع التزين الاجتماعى الذى طالما تتحلى به الشعوب لفترة من الزمن مكونة ما يسمى بالحضارة.
وعلى سبيل المثال فانه عند تحويل النظام الفكرى من ثقافة لاخرى نجد انه سرعان ما تتنافر الافكار وتبدأ فى انتقاد بعض افكار الثقافة الجديدة محاولة خلق مجتمع جديد من الأفكار أو تكوين حقل اجتماعى شبه مكتمل الأبعاد مع العلم انه تم النظر لهذه الثقافة من منظور أعلى خالى من تجارب أفكارها ومطهر من عواقب الانغماس فى تطبيقاتها.

لكن اعتمادا على التخيل فانه عند استبدال بعض الأفكار لمجتمع معين ببعض الأفكار المساوية لها فى الانتقاد من قبل بعض افراد مجتمع اخر مع محاولة تلافى الصدام الاجتماعى الذى سيبدو واضحا عند تهميش تيارات الدين والعرف والعادات والجدل الذى ستثيره الطبقات المحافظة وما يتناثر بين ثناياها من شرائح اجتماعية أضعف فى السيطرة وأكبر فى الصدى المسموع.

ولربط الخيال بالواقع يمكن عمل نسيج درامى بسيط التصور يعتمد فى مضمونه على احلال الثقافات محل بعضها فعلى سبيل المثا ل عند محاولة استبدال ثقافة زواج الصالونات فى مجتمعاتنا العربية بعمل علاقات غير شرعية قبل الزواج فى المجتمعات الاوروبية مع تثبيت فكرة استباحة هذه العلاقات فى هذه المجتمعات واعتبارها ظاهرة صحية وفى المقابل تذكر رفض مجتمعاتنا بناء مؤسسة زواجية فى العقود السابقة دون استخدام هذا النوع من التعارف الاسرى وبلورة تفكيره الحالى فى رفضه لمثل هذا التعارف.

وحتى لانصل بالتخيل الى فنتازيا العمل الدرامى يجب أن نميل الى تحليل ما الذى سيحدث فى المجتمعات العربية والتى بحكم الاختلاط بها يمكن تصور التطور الطبيعى لاستيعاب الثقافة الجديدة مع اختزان الصدمات الناتجة من زلازل العرف...... فبعد الرفض والشجب والاستنكار والاستبيان والاستفتاء والاستعلاء والاستغناء والمفاوضة و التجاوز والتسامح يأتى الرضا والقبول وهى اخر مرحلة والتى تصل بنا الى نهاية العمل الذى رفضه تيار العرف ثم بنفس التيار تم قبول الثقافة وتكوين القيمة الجديدة التى تنضم الى لائحة القيم الاجتماعية لتكون عرف سائد يلزم كل من ينتمى لهذا المجتمع على تطبيقها.
وبتطبيق مثل هذا التصور على معظم العادات التى نتمسك بها نجد أنها فى الأصل عبارة عن فكرة بشرية تم وضعا فى نطاق تطبيقى ثم محاولة نشرها تدريجيا حتى تصل لمرحلة الاستيعاب ومن ثم التعامل معها على انها شئ مقد س لا يمكن لأحد الاقتراب منه أوتغيره ويظهر ذلك واضحا فى ذكر كلمة عيب قبل كلمة حرام فى ثقافتنا العربية وهنا يظهر أثر تغليب العرف احيانا على الدين بل واظهاره أقوى فى احيان اخرى ولكن فى النهاية فهى أفكار لا تزيد عن كونها أدوات تطفو بها المجتمعات على سطح العالم وتتميز بها مجتمعات عن غيرها ولكنها تظل اداة الثقافة التى تعبر بها المحتمعات عن طريقة تقدمها.

ايهاب رشوان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى