الجمعة ٢٥ آب (أغسطس) ٢٠٠٦

اليهود يغزون السينما المغربية

موسى متروف من الدار البيضاء - عن إيلاف

بعد تجربة المخرج المغربي حسن بنجلون مع موضوع هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، في فيلمه الجديد والذي انطلقت عملية إنتاجه منذ أسابييع، يعمد مخرج مغربي آخر هو محمد إسماعيل للإقدام على عمل مشابه.

تعتري موضوع هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل كثير من الالتباسات. فقد كان عدد أعضاء هذه الطائفة يصل إلى مئات الآلاف قبل انطلاق الهجرات إلى الدولة العبرية منذ تأسيسها سنة 1948 ليصل عددهم الآن حسب بعض المصادر إلى ما دون خمسة آلالف فرد يعيش معظمهم في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.

و تقول مصادر أخرى بأنه وبدعم من المستعمر الفرنسي بدأت هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل على دفعات (حوالي 20 ألف سنتي 1948 و1949 و40 ألف ما بين 1952 و1955). لكن وبعد حصول المغرب على استقلاله سنة 1956 أعلن الملك الراحل محمد الخامس منع هجرة اليهود إلى إسرائيل ولكنه منحهم كافة حقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية.

استمرت الهجرة سرا إلى غاية سنة 1961 حين توفي محمد الخامس وخلفه ابنه الحسن الثاني لتبدأ بعد هذا مرحلة جديدة من هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل عبر "صفقة" بين الأمريكيين والفرنسيين والإسرائليين من جهة والمغرب من جهة ثانية فهاجر ما بين 100 ألف أو 200 ألف من اليهود إلى إسرائيل.
اعتبر المخرج حسن بنجلون أنه لو لم يسهل المسؤولون المغاربة والعرب عملية تهجير اليهود المغاربة إلى إسرائيل، لما كان لهذه الدولة القوة البشرية والعلمية التي تمتلكها في الوقت الحالي. وأضاف بنجلون في تصريح لجريدة ’’التجديد’’ الإسلامية (نشرته قبل أيام) بعد انتهائه من تصوير أحداث الفيلم الجديد ’’الحانة’’ (عنوان مؤقت)، أن المغرب سمح لـ256 ألف يهودي مغربي بالهجرة إلى إسرائيل، بعدما أنفق عليهم مبالغ مالية مهمة لتكوينهم وتأهيلهم، واستقبلتهم إسرائيل التي لم تنفق عليهم ولو درهما واحدا.

وأشار المخرج المغربي إلى أن إسرائيل أوهمت اليهود المغاربة الذين هاجروا إليها بالعيش الرغيد والحياة الهانئة، لكنهم لم يجدوا شيئا مما وعدوا به، بل استعملتهم إسرائيل درعا عسكريا واستخدمتهم في الجيش، خاصة في حرب 1967 التي انهزم فيها العرب أمام ’’إسرائيل’’ بفضل ’’بلاء’’ جنود عرب.
وأكد بنجلون في معرض إجابته عن أسباب اختيار هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل موضوعا لفيلمه الجديد، أنه من حق الجيل الجديد الذي يعلم أن وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيريتس، الذي قتل وسفك دماء الأطفال والشيوخ والنساء بقانا الثانية بلبنان، ينحدر من أصول مغربية، من حق هذه الأجيال أن تتطلع على حقيقة من الماضي القريب ظلت مغيبة في تاريخ المغرب الحديث.
وتدور أحداث الفيلم الجديد في فترة أوائل الستينيات التي شهدت أكبر هجرة في تاريخ المغرب، أو ’’الحركَة الكبرى’’ كما يسميها الدكتور بنجلون، وهو موضوع يكتسي أهميته بالنظر إلى طبيعة الحياة السياسية والصراع الإيديولوجي السائد أنذاك،
كما يحكي الشريط مسلسل هذه الهجرة ومعاناة الاستقبال الإسرائيلي لهؤلاء اليهود المغاربة. واختار بنجلون في هذا العمل الذي تطلب منه أكثر من ثلاث سنوات من الاطلاع والبحث في المغرب وفرنسا وكندا ومجالسة مؤرخين مسلمين ويهود (تضيف "التجديد")، وجوها مغربية شاركت في صنع هذا الحدث الدرامي، أمثال حسن الصقلي، محمد بنراهيم، صلاح الدين بنموسى، فاطمة الراكراكي، حمادي التونسي، عبد المالك أخميس، ربيع القاطي، إلهام الوليدي وآخرين..

أما الفيلم الثاني الذي يطرح قضية "هجرة اليهود" فيحمل عنوان "وداعا أيتها الأمهات" لمخرجه محمد إسماعيل. ففي تصريح ليومية "الصباح" نشرته اليوم، استبعد المخرج، استبعد المخرج "إمكانية حصوله على دعم مغر من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" بعد أنباء عن وصول نسخ من سيناريو الفيلم إلى مسؤولي المخابرات الإسرائيلية بتل أبيب. وقال إسماعيل، حسب نفس المصدر، إن محاولة اختراق الفيلم وتغيير مساره الروائي أو تقديم دعم عبر جهات أجنبية يبقى بعيدا ما دام الفيلم الذي ساعدته في كتابته السيناريست اليهودية غاندا دانان يكشف عن الأيادي القذرة للموساد وغيره من التنظيمات الصهيونية في تهجير آلاف اليهود الذين كانوا ينعمون بالسلم والأمان في بلدانهم وإيهامهم بالعيش الكريم في أرض الميعاد.

وقال إسماعيل ل"الصباح" إن إعلان رغبة مؤسسات إنتاج عالمية بفرنسا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية إنتاج الفيلم لا يعني أنه سيدعن للأطروحة الصهيونية وإنما سيكشف بكثير من الصدق زيف الادعاءات التي دفعت إلى تهجير اليهود المغاربة بعد قرون من العيش في سلام ووئام إلى جانب المسلمين والمسيحيين وعلى أرض المغرب وأن هذا التهجير وما تلاه من استيطان وتحريف للواقع والتاريخ أدى إلى الأوضاع المأساوية التي يعيشها أتباع الديانات الثلاث في المنطقة.

يُشار إلى أن الفيلم الثاني لا زال مشروعا يبحث عن تمويل "هوليوودي" كما قال مخرجه فيما دخل الفيلم الأول المراحل الإنتاجية البعدية (ما بعد التصوير). ويذكر أيضا أن السينما المغربية تعرف بين الحين والآخر إنتاجا متعددا حول موضوع واحد، كما سبق ذلك مع موضوع المرأة بموازاة مع الجدال حول "خطة إدماج المرأة في التنمية" التي أعدتها حكومة الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي والتي كادت أن تخلق شرخا بين الإسلاميين ومن يسمون أنفسهم ب"الصف الحداثي". وحدث ذلك أيضا مع موضوع الاعتقال السياسي في السبعينات أو ما يسمى ب"سنوات الرصاص" فهل سيتركز الموضوع هذه المرة على موضوع هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل؟

موسى متروف من الدار البيضاء - عن إيلاف

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى