الجمعة ٤ نيسان (أبريل) ٢٠٠٨
بقلم محمد أبو الكرام

المسرح بين الأزمة والإصلاح

يعتبر المسرح من أعظم الفنون، ومن سماه أبا الفنون عرف قيمته الحقيقية مما لها من دلالات عديدة. له تاريخ عريق في حضارات أمم عديدة. دخل هذا الفن عالمنا العربي حديثا.لكن رغم حداثته فقد استطاع بفضل رواده ومحبيه تخطي الصعوبات بإرادة وعزيمة قويتين، قدموا من خلاله مادة فنية غنية وراقية تزيدنا فخرا بمبدعينا من خلال تقديمها أومشاهدتها على ركحنا العربي والعالمي.

لقد شهد المسرح في الوطن العربي عموما وفي المغرب على وجه الخصوص في الآونة الأخيرة ركوضا، وذلك بعد أن امتدت إليه أيادي شبيهة بفيروسات الفن، عبتث بخصوصيته وجعلته محدودا جامدا، مشلول الحركة ينخره المرض إلى أن ينقضي اجله ويندثر، يقتصر في عروضه على التسلية المجانية، مما أساء لصورة المسرح لدى المتلقي وخلق نوعا من التنافر وزرع الشكوك في مصداقية هذا الفن الذي كان مؤسسوه يرفعون شعارات الثقافة الراقية. فبعد أن كان له دورا في البناء الثقافي للأمة اصبح مهدما لها. فأضحى من الضروري تصحيح وإعادة الذات الحقيقية لهذا الفن الغني وإظهار الصورة الحقيقية للدور الأساسي للمسرح، بإزالة العوائق عنه وعن مبدعيه.

منذ أمد بعيد ونحن نسمع ألسنة النقاد والمختصين يتحدثون عن الأزمة، كل منهم يعرفها حسب رؤيته الخاصة وتجربته الميدانية.

ومن منظوره الخاص، إذا استطعنا أن نجيب عن بعض الأسئلة التي قد تبدوتقليدية، ما هوالمسرح..؟ متى وأين بدأ؟ لماذا المسرح؟.. وماذا نريد من المسرح؟...يمكن بذلك الخروج أوالمساهمة في التخفيف من حدة الأزمة..ويستطيع المسرح استرجاع أنفاسه وحياته من جديد، ليواصل رسالته وأهدافه بخطى إيجابية.

إذا كان هذا الفن يسعى إلى تحقيق تواصل بناء بينه وبين جمهوره،والعمل على الرفع من مستوى الفكر الثقافي يشجعه على المشاركة في العملية الإبداعية.لكن مع الأسف فذريعة المصالحة مع الجمهور وإرجاع اكبر عدد ممكن إلى قاعات العروض بخلق ضحك مجاني ساهم في ترسيخ النظرة المنحطة للمسرح.

والمسؤولية على عاتق رواده والغيورين عليه في إعادة بناء ما هدمه دعاة الفرجة والترفيه.

وقد يربط البعض الوضع المتردي بمستوى المتلقي الذي لا يهمه سوى تغيير الروتين اليومي بالفرجة المجانية ولوعلى حسابه، وقد يبرر البعض أن الجمهور يمل من المسرح "الجاف" الخالي من الهزل.

لكن صاحب الرسالة لا بد أن يناضل حتى يحقق ما أسسه من خلال عروض مسرحية هادفة يحترم بها جمهوره مراعيا مطالبهم واحترام مشاعرهم.

بتضحيات الكفاءات والأطر الوازنة يمكن تحدي الأزمة وتأسيس مسرح حي مجسد على خشبة حية بتواصلهم مع جمهورهم، وعطائهم المستمر.باحترام مجتمعاتهم وكسر الحواجز لكسب ثقتهم.وذلك عندما يصل الفنان إلى مستوى تقديم فن يجسد لمشهد حقيقي لمجتمعه مع اعتماد الموضوعية والجدية والجودة في العمل، يعيد معه الاحترام والتضامن بين المسرحي وجمهوره.

كمبدعين ومهتمين ومثقفين نتحمل مسؤولية إخراج أبي الفنون من أزمته،بتطويره من خلال تكوين ينسجم مع التطور الثقافي العالمي، تكوين جيل يحمل مشعل ينير طريقه في إكمال المسيرة بتحسين مردود يتهم وتقديم هذا الفن لابناء أجيالهم عبر سكة مستقيمة تخرج مسرحنا من نفق الأزمة في ظل المتغيرات السريعة للثقافة العالمية.

.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى