الأربعاء ٢ حزيران (يونيو) ٢٠١٠
بقلم نوري الوائلي

رحلتي الى الجنان

النفسُ تزهو والفؤادُ منارُ
والروحُ ترقى والجبينُ وقارُ
وتألقت حين الرحيل يشدني
ذاتي كانّ بطلعها الأقمارُ
فجمعتُ بعضَ حوائجي متلهفا
وشددت خصري والدموع إزارُ
وحضنتُ طفلي مشفقاً، ودموعنا
تجري كأن بلونها الأخبارُ
وأملتُ طرفي نحو سيدة لها
في النفس أفقٌ ريعه أزهارُ
وحملت نفسي واثباً وحقائبي
ورحلت عنهم والشجى مزمارُ
في كلّ بعدٍ ملزم، فالروح تبـ
قى في الديار يزفها استقرارُ
لكنّ روحي غادرت صوب المنى
والجسمُ خلف خيالها طيّارُ
وصعدت في وهج الحماس مكائناً
تعلو السماءَ تُجيبها الأمصار
وتجوبُ أطباق السماء كأنّها
برقٌ وقلبي فوقها إنذارُ
روحي كأرواح المئات تعلّقت
فوق الغيوم تسوقها الأقدارُ
لكنّ شوقي طاف خوفي وارتقى
كوناً لمن قلبي لها مضمارُ
ما كنت أشعرُ في السماء بأنني
للفاجعات وقودها وشَرَارُ
اللهُ يمسكُ علوها ومسيرها
نحو الجنان يشدها الستّارُ
عبر المحيط كأنني البحّارُ
فقطعتُ آلافاً لبيتك قاصداً
وتركت أهلي في حماك كأنهم
أفراخ طير ما لهم أستارُ
ونزلتُ جدّة ثمّ مكة والهوى
صوب الصفاء كأنّني إعصارُ
وبدأتُ أجري نحو بيتك لائذاً
ودنوتُ منه فالمسيرُ عثارُ
وتلعثمَ النطقُ المتوّج بالحيا
وتبلّلت من مقلتي قفارُ
واهتزَّمن حولي المكانُ لرجفتي
واهتزّ من قدمي الذرى وذمارُ
كيف اللقاء وعشت دهري لاهياً
والقلبُ كاد من الدّجى ينهارُ
ورأيت كتفي في الشمال محمّلا
بالمنكرات تزيدُه الأعمارُ
ورأيت كتفي في اليمين كأنّه
غصنُ الشتاء وما علته ثمارُ
فتحيّرت قدماي أين مسيرها
وتصارعت في مهجتي الأفكارُ
أنت الحليمُ وخير جودك نافذٌ
وأنا الجهولُ وملبسي الإنكارُ
ونسيتُ عند المفرحات كريمها
وكأنّها من قدرتي أزرارُ
ورجوتُ عند أُساءتي متضرّعاً
عطفَ الجليل ومظهري استغفارُ
فتسابقت نحوي المكارمُ جمّةً
وكانّها غيثُ الشتا ينهارُ
فأجبتها بالموبقات تجاهلا
فأمدّها من فضله الجبّارُ
ودخلتُ بيتك والذنوب كبائرٌ
والظهرُ قوسٌ والمشيبُ صفارُ
ودخلتُ أحبو والجبين ملطّخٌ
والرأسُ أرضٌ والعيونُ جمارُ
وجلستُ أنظرُ للسواد كأنّني
في عالمٍ قد حاطه الأنوار
وبكيتُ حتى بُلّلت جدرانها
ودعوتُ حتى هدّني الإكثارُ
وجلست عند جدارها وقصيدتي
تحكي اللقاء وحرفها إبحارُ
وسعيت في خجل أدور بروضها
وكأنّ فيها للوجود مدارُ
حاشاك أخرج من مقامي مذنباً
ويدومُ بعد الضارعات ضرارُ
وخرجتُ من باب الرجاء يسوقني
للموت حشدٌ ما لهم أعذارُ
وخرجتُ أبكي والرجاءُ يزفني
والعينُ من قِصر اللُّقا مدرارُ
أملي بانّ الله يكفلُ عودتي
ولقاءُ من رُفعت بها الأوزارُ
وخرجتُ والبشرى بوجهي راجياً
أرضَ الرّسول تسوقني الأسفارُ
ودنوت من خير الأنام مقاربأً
فكإنّ قربي للهدى أشبارُ
وجلستُ أقرأ للرسول قصيدتي
فتعيدها من بعديَ الأسحارُ
وخرجت أنظر للبقيع فضمّني
طوقُ الضياء بأرضه ومزارُ
وركبت أقصد في المسير حدائقا
تعطي الدماء لريّها الأبرارُ
وتبعت عطراً رائقا فإذا بحمـ
زةَ يستقيم كأنّه الجرّارُ
ووقفتُ أقرأ في عُلاه قصيدةً
تحكي الفداء فشاقني التكرارُ
يا أرض يثرب قد ملكتِ معالماً
ومآثراً قد صاغها الأنصارُ
وحملت أعباء الرسالة قدوةً
فتوهجتْ من صانعيك كبارُ
وفتحت أبواباً لسيّد آدم
فإذا بك للعالمين فخارُ
ورأيتُ فيها كالآلئ حاضراً
أحداثُ نور قادها الأخيارُ
بعض من الأيام كان مدادها
مثل الكواكب ما طواه مسارُ
لو كان ظرفي في الحياة مواتياً
لبقيت فيها والقبابُ جوارُ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى