الجمعة ٢ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
شعر من الجزائر
بقلم يوسف وغليسي

نشيج الوداع

قـرأت بعـادًا في أكفِّ شـيوخنا
لمحتُ جـيـوش الـبـين تجـتاح آتينا!..
فناديتها - و الريح هزتْ خيامنا-:
هلمّي عسى في البيد نخلٌ يـواريـنـا!
فقالتْ- و لفح الصيف يلطم خدّها-:
أما قد تعرّى النخلُ في عزّماضينا؟!
و قلتُ لها- و الحرّ يلهبُ حرّنا-:
ستغرب ذي الرمضاء و الليل يأوينا..
فقالتْ- و دمع اليأس يخنق قولها-:
وَ..داعًا حبيـ..ـبي ! لا و لاوصلَ يُدْنينا!
و لاحت غيوم البين بيني و بينها
و ضاع شراع الوصل في يمِّ ناعينا..
وداعا.. وداعا.. وا فجيعة خاطري!
أواهُ.. أمـا فـي الـغـاب فـجٌّ يلاقينا؟!
و آهٍ !أما الصفصاف يجمع شملنا؟!
أما الربوة الخضْرا.. أما ماءُ وادينا ؟!
وقـفـتُ كـطـيـر بـالـحـنين مسربلٍ
على ضفة الذكرى، أنـاجـي ليالينا
صقيعٌ من الأحزان لفَّ جوانحي
تـنـاثـر فـي ذكـراي سـمـًّا و غسلينا
زرعتكِ " وردهْ"(1) بالفؤاد وُريْدة ً
لـتـقـطـفـك الأيـام - يـومًا - بساتينا
حملتك " حيزيّهْ"(2) بقلبي رصاصة ً
لـتـفـزعـنـي حـيـنًا.. فتقصفني حينا!
وناديتـُها من عمق سرداب وحدتي..
سـمـعتُ صدى الأقدار يتلو مآسينا..
ستجمعنا الـلـٌّـقـْـيا غـداة فـراقــنـا(3)
و تُرفـعُ دعــوانـا بـيـانًـا و تـبـيـينا !
سنروي بكأس الصبر جمرَ قلوبنا
و ذا المنبعُ الصافي - غدا- سوف يسقينا

الهوامش

(1) وردة الهاني: إحدى شخصيات " الأرواح المتمردة " لجبران خليل جبران.

(2) حيزية: بطلة القصة الشعبية الجزائرية المعروفة.

(3) إشارة إلى الحديث النبوي الشريف " المرء مع من أحب".

من مجموعته الشعرية الأولى أوجاع صفصافة في مواسم الإعصار الصادرة سنة 1995 عن منشورات إبداع في الجزائر


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى