الثلاثاء ٩ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤
بقلم علي بدوان

إحسان غرير في روايته الشقي

إسم الرواية : الشقي
الكاتب : المهندس إحسان غرير
دار دلمون/دمشق 2024
عدد الصفحات 130 من القطع الوسط

رواية الشقي للمهندس إحسان غرير، إعادة تدوين لتاريخٍ قد مضى لتوه، لكنه مازال تاريخاً حياً طازجاً، حين يُقدم صاحب الرواية، رحلة الحياة اليومية التي ميّزت سيرة مخيم اليرموك، وماتحمله من أبعاد وطنية، مضافاً لها حراكات الحياة اليومية لأجيالٍ تدافعت ونمت، وشقت طريقها وسط مصاعب هائلة.

إنها رواية محبوكة بعينها، حين بان صاحبها مُحترفاً بتقديم أفكاره، ورؤاه في استرجاع الذاكرة، ذاكرة مخيم اليرموك، من الطفولة الى المرحلة "الأصعب والأدق"، مرحلة الفتوة والمراهقة، مرحلة ثانوية اليرموك ومديرها القدير المرحوم محمد الشهابي، التي جمعت الذكور والإناث بدوامين متتاليين، وهي المدرسة التي خرجت اجيالنا في المخيم بدءاً من سبعينيات القرن الماضي.

فبدا الراوي، في وصف تلك المرحلة الحساسة من حياة الجيل الصاعد، موفقاً في إعطاء السردية دفقاً مُحبباً عبر استعراض المرحل إياها، بكلمات جميلة، وبجمل مُكثّفة، وبليغة، تدخل القلب مباشرة ودون استئذان، وتدفع بنا لمتابعتها حتى خواتيمها.

وهنا، اخال نفسي، وقد اقتربت من اليقين بأن الأسماء التي وردت أعرفها تماماً، حتى لوكان بعضها بترميزٍ معين، وأود أن أُشير الى الأخوين الخطيب، حيث استشهد أحدهما في لبنان اثناء غزو العام 1982... والأستاذ المرحوم سعيد شيخ البساتنة مدرس التربية الإسلامية، ومدرس العلوم (عبدو ع) ووو...

إن شلهوب الشقي استفتح الرواية، وهو صاحب الطاقة الفائضة، أو المصاب بفرط النشاط، والذي لايحتمل الهدوء بل يريد الصخب الدائم في الحياة وعراكها، الى درجة التهور، وجنونه بمحبوبته (قرباطية)، هو مثال لإنطلاق القدرات، وتفجّرها، والتي كانت على الدوام تنتظر حواضن تتلقفها لتنميتها، وصقلها لتصبح الأروع. فالشقي شلهوب نموذجاً من حالات لاتعد ولاتحصى في مخيمنا اليرموك، المخيم المعطاء، الحالم بوطن اسمه فلسطين، والحالم بالحب والحياة، والحرية.

إن رواية الشقي، هي رواية المخيم، رواية حياتنا في دراما اللجوء، رواية امهاتنا وابائنا وعائلاتنا وضنك الحياة. لكنها الحياة التي اشرقت ورسمي مجتمع بهيج ورائع بذكريات وسرديات لشعب يستحق الحياة تحت نور شمس بلاده فلسطين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى