الثلاثاء ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩
بقلم
إمرأة.. من وطني
في عينيها..أقرأُ إمرأةًتسكنُ في تاريخِ الجرحِ..تلملمُ أشلاءَ الزمنِ الموؤودِ..بأقبيةِ النسيانِ..تضيءُ فضاءَ نهاراتٍسرقوا من بينِ ذراعيهامن عينيهاشمساً كانت ترتاحُ هنيهاتٍفي هودجِ مرقدِهاما عادت تصحو في غدِهافي موعدِها..سرقوا شمساً كانت تتدلّى..عندَ ضفافِ الحبِّ..ضفائرُها الشقراءُ..تقبّلُ موجَ البحرِ..تغازلُ فوحَ البياراتِ..تراقصُ أنسامَ الوديانِ..تنامُ الليلَ بأحضانِ الشطآنْفي عينيهاأرتادُ فضاءاتٍأصطادُ إضاءاتٍأتوضأُ بالمطرِ الثكلانِ رؤاهُوبينَ يديها الوعدُ يبابْأقرأُ تاريخاً في عينيها محزوناًلم أقرأهُ في أيِّ كتابْتتمرّدُ فيهِ كلُّ حروفِ العشقِ..على أسرِ الأوراقِ..تثورُ على لغةِ العشّاقِ..تجدّفُ في ألقِ الآفاقِ..تقيمُ جسوراً فوقَ ضفافِ الوهمِ..لشمسٍ تحلمُ بالإشراقِ..على وطنٍلا يطفىءُ ذكراهُ النسيانْفي عينيهاأقرأُ وطناًكان فتياً.. كان بهياً..كان أبياً.. كان عصياًفي طلّتِه يضحكُ نوّارْفي عينيهِ تسكنُ أقمارْتسبحُ أنسامٌ ليلَ نهارْتصحوالأطيارُ بموعدِهاتتوضأُ بلجينِ الأنداءِ..تصلّي الفجرَ معَ الأزهارْتتغازلُ بياراتٌ..ترقصُ أمواجٌ..يرتاحُ البحرُ منَ الترحالِ..يمدُّ ذراعيهِ ولهانَ..تقبّلُ شفتاهُ الشطآنْتتكسّرُ أجنحةُ الكلماتِعلى فمِهاتتناثرُ أحرفُها جمراتعصفُ ذِكرىتمطرُ شِعراوعلى شفتيها رجعُ هديرِ صلاةٍ..تتلوها جهراً خلفَ القضبانْ :" في عينيها.. أقرأُ وطناًمرسوماً في ذاكرةِ الجرحِ..يضيءُ مداهُ رؤى عشقٍفي بوحِ الطيرِ.. وفوحِ الزهرِ..وليلِ القهرِ.. لهُ عنوانْفي عينيها أسمعُ صوتاًمجروحَ القلبِ يئنُّ صداهُ :" أنا من وطنٍمصلوبٍ في رحمِ زمانٍثكلَ الوجدانْمنفيٍّ خلفَ حدودِ الشمسِ..تجوبُ رؤاهُ مدارَ فضائي..ليلَ نهارَ..ويومَ اغتالَ بغاثُ البحرِ مداهُ..سكنتُ عباءتَه السوداءَ..تبعتُ ظلالَ عصاهُ..تشقُّ غبارَ ليالي التيهِ..تكابرُ في المجهولِ خُطاهُ..عَساها تلقي الرحلَ..على خارطةِ الدنيا والأوطانْفي عينيها.. أقرأُ وطناًالجرحُ يسافرُ من أقصاهُ..إلى أقصاهُتلوّنُ عينيهِ الأحزانْخطفوهُ من حضنِ أبيهِألقوهُ على قارعةِ المنفى والتيهِهم خطفوهُ.. هم أخفوهُرضعوا من أثداءِ الشيطانِ..الزورَ/ التضليلَ / البُهتانْكذبوا في محرابِ التاريخِ..على التاريخِ..اتهموا الذئبَ بما اقترفتهُ أيديهموالذئبُ بريءٌ من دمِههم ألقوا وطني في فمِهكانوا عُصبةمن إلاّهم خانوا عهداًمن الاّهمهم باعوا الشيطانَ أخاهمعشرون أخاً ألقوهُ هناكَ..تعبُّ لياليهِ الكُربةفي جبِّ المنفى والغُربةيغتالُ التيهُ خطاهُ..بمحرقةِ النسيانْويمرُّ زمانٌ بعدَ زمانْوالمَوتورُ المحكومُ عليهِ بالأشجانْما زالَ بقاعِ الجُبِّ..وما مرّتسيّارةُ قومٍ تُدلي دلواًحتّى الآنْ