الأربعاء ١٥ تموز (يوليو) ٢٠٠٩
بقلم أحمد تحسين الأخرس

اثنين كنا وصرنا واحداً

جاءتْ إليَّ وفي العينينِ ذا الخجلُ
يعلوصِباها جمالٌ ناطقٌ ألِقُ
في وجهها الحسنُ كلُّ الحسنِ مضطجِعٌ
في الوجنتين ورودٌ زانها العبقُ
ضمَّت يديها وأخفت في لآلئها
حباً كبيراً ، وعشُّ العشقِ ملتصقُ
في صوتها كلُّ لطفٍ كل مأنسةٍ
به القلوبُ طريقَ الحب تعتنقُ
لكنَّ دمعةَ عينٍ قد كستْ فرحاً
بل واكتست تَرَحاً، من بعده الولَقُ (1)
قالتْ بهسمةِ حزنٍ: إن لي وجعاً
لا زادهُ الدهرُ إلا موجعاً طلِقُ
رددتُ: قُولي.. أجيبي، إن لي ألماً
أيضاً، وإني كسيرُ الروحِ أختنقُ
يا نكهةَ الكرزِ المكنوزِ يا عسلاً
قولي بربِّكِ قد أودى بيَ الغسقُ(2)
قد غرَّد الهدهدُ المسكينُ في حَزَنٍ
يشكونزاعاً لهُ الأبواب تنغَلِقُ
أودى بروحي، وألقى فيَّ آفتَهُ
حزنٌ ونَوْحٌ وأسرارٌ لها الصَّعَقُ
أبقى وحيداً، فلا إنس ولا جنٌّ
في كرهِيَ اختلق الأحباب ما اختلقوا
يا خمرةً لستُ أدري كيفَ أشربها
بالله قولي.. أليسَ الحزنُ مُرتَزَقُ
يهوي على القلبِ مثل الصخرِ بل أقوى
يبكي العيون دماءً، يختفي الومقُ(3)
يأتي إليَّ فَيُبكيني ويقتلني
أرى بهِ كل ضعفٍ، إنه الدهقُ(4)
قولي، أليسَ لدينا الحزنُ مشتركٌ
خوفٌ تلاقى بقلبينا له الأفقُ
الحبُّ ساحتنا، والموتُ راحتنا
والعشقُ واحتنا، والخوف ذا الرمقُ
ماذا نريدُ وفينا الضدُّ يجتمعُ
ما كانَ في حب غيرٍ، إنه الشوقُ
هذي المواجع تُرسي فيَّ بسمتها
تحنوعليَّ بسكناها، كذا الوَدْقُ(5)
يكفي فؤادي هواكِ يا منى أملي
اثنان كنا، وصرنا واحداً رَتِقُ(6)
 [1]

[1(1) الولق: الطعن
(2) الغسق: الليل، وهنا تشبيه الألم بالليل
(3) الومق: الود والألفة والتحاب
(4) الدهقُ : العذاب
(5) الودق: المطر
(6) رتق: ملتئم


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى