الأحد ٢٠ أيار (مايو) ٢٠٠٧
بقلم عادل الأسطة

الأدب الفلسطيني في المثلث والجليل

تواصل جامعة بيت لحم مشروعها، الذي عقدت النية على استمراره، لخدمة الأدب الفلسطيني، فقد عقدت في آب من العام 2004 مؤتمرا أدبيا دارت الأوراق التي ألقيت فيه حول ابن المدينة الذي مات في المنفى: جبرا إبراهيم جبرا، وجمعت تلك الأوراق في كتاب أصدرته الجامعة في طبعة ممتازة. وفي العام 2006، في نهاية أيار عقدت مؤتمرها الثاني ليحتفل بالأدب الفلسطيني في المثلث والجليل، وبالأديب الشاعر حنا أبو حنا، وقد شارك في المؤتمر دارسون وباحثون من جامعات الضفة، ولم يتسن لأبناء قطاع غزة المشاركة، بسبب تقطيع أوصال الوطن الفلسطيني، ومؤخرا صدر كتاب ضم بعض أوراق المؤتمر وأبحاثه تحت عنوان "الأدب الفلسطيني في المثلث والجليل" (آذار- 2007)، وهو كتاب علمي محكم. واما مؤتمر العام 2007 الذي سيعقد في حزيران، فسيخصص لدراسة الأدب الفلسطيني في الشتات.

كتب كلمة التصدير للكتاب الدكتور معين هلون، وثمّن فيها الأدب الفلسطيني بعامة، وبين المكانة التي يحتلها في الجامعات الوطنية والجامعات العربية والعالمية. وتلت كلمته الكلمة التي ألقاها الأديب المكرم حنا أبو حنا الذي رأى في تكريمه تكريما للأدب الفلسطيني.

تصدرت الدراسات دراسة الدكتور قسطندي شوملي، وكان عنوانها "مدخل إلى الأدب الفلسطيني في المثلث والجليل"، وهي بانوراما تلقي الضوء، بشكل عام على الأدب الفلسطيني في فلسطين التاريخية ما بين 1948 و 2006. وحسنا فعل مصدرو الكتاب حين صدروه بها، فهي إذا كانت دراسة عامة، فإن الدراسات التي تليها اختصت بأدباء بأعيانهم.

ثمة دراستان تناولتا أشعار الشاعر سميح القاسم. الأولى لعادل الأسطة، وقد تناول فيها ظاهرة الحذف والتغيير في أشعار الشاعر، مواصلا بذلك ما كان بدأه منذ العام 1993، حين درس الظاهرة نفسها في أشعار محمود درويش. وقد اجتهد الدارس ليقدم تفسيرا للظاهرة. والثانية لإحسان الديك المحاضر في جامعة النجاح الوطنية، والذي يدرس الشعر الجاهلي وفق المنهج الأسطوري، ويحاول الديك تطبيق منهجه هذا على نماذج من الشعر الفلسطيني المعاصر، فقد سبق له أن درس قصيدة محمود درويش في رثاء أبيه "رب الأيائل يا أبي"، وهنا يدرس الديك إحدى قصائد القاسم، وتحديدا: "كلمة الفقيد في مهرجان تأبينه"، ويبحث عن القناع فيها، قناع (هاملت)/ سميح. وقد توصل الدارس إلى نتائج توصل إليها دارسون آخرون سبقوه في دراسة سميح. إنه يعزز النتائج التي توصل إليها صاحب كتاب "أدب المقاومة من تفاؤل البدايات إلى خيبة النهايات" دون أن يشير الديك إلى ذلك.
ولم ينل إميل حبيبي من الدراسات ما ناله القاسم، ومثله سلمان ناطور، فقد تناول الدارس سمير حاج، من عبلين/ الجليل، الرواية في الجليل من خلال بعض أعمال إميل حبيبي وسلمان ناطور. وركز على هذين الكاتبين، لأن أعمالهما، في تقديره، تمثل الرواية الفلسطينية عامة، والجليلية خاصة، من حيث التكنيك والموضوع والجمالية. ولعله أنصف سلمان ناطور، فإذا كان الدارسون الفلسطينيون والعرب تناولوا أعمال حبيبي وركزوا عليها، فإن قلة من الدارسين التفتت إلى أعمال سلمان، علما بأنه أسهم، منذ أربعين عاما، في خدمة الأدب الفلسطيني، فكتب القصة والرواية والمقالة.
وعلى الرغم من أن توفيق زياد خصّ بدراسة واحدة إلا أنها شغلت حيزا لا بأس به من صفحات الكتاب، تناولت الدارسة سناء تايه من طولكرم الموروث الشعبي في شعر زياد، وربطت بين ما ورد في قصائده من تراث والتراث وكان يمكن لهذه الدراسة ان تختصر، ففيها إيراد أمثلة طويلة، وكان يمكن الإشارة إليها. ولعل بعض من درسوا زيادا، من قبل، في رسائل ماجستير، أتوا على هذا الجانب، وهذا ما لم تلتفت إليه الدارسة.
الأديب المكرم حنا أبو حنا نالت سيرته، بخاصة الجزء الأول، "ظل الغيمة" حظا من الدراسات، فقد كتب عنها فاروق مواسي ابن باقة الغربية، وعدوان نمر عدوان المدرس في جامعة بيت لحم. تناول الأول السيرة فنيا، وأتى على العنوان ودلالاته، ورأى في "ظل الغيمة" عملا أدبيا مميزا، نال حظا من التوفيق والإبداع|، لم ينله الجزآن التاليان للسيرة "مهر البومة" و"خميرة الرماد". وتوقف عدوان عدوان أمام سلطة النص المتعددة، وتحديدا السلطة الثقافية، فدرس سلطة العنوان والغلاف والجنس الأدبي والواقع المعيشي.

ولم يخل الكتاب من شهادات أدبية قدمها هذا الكاتب أو ذاك، وهي شهادات مهمة، لأن أصحابها كانوا ذوي صلة بالحياة الثقافية، شاركوا فيها مشاركة فعالية. إن ما كتبه هؤلاء يكتسب أهمية كبيرة، لأنه صادر عن ادباء عاصروا الحياة الأدبية لفترة طويلة، هكذا كتب سلمان ناطور عن تجربته في المسرح، وقدم أدموند شحادة صورة بانورامية عن الواقع المسرحي في المثلث والجليل، منذ بداياته. فكتب عن الفرق المسرحية والمسرحيات التي عرضت والفنانين الذين شاركوا في التمثيل.

محمد خليل ابن الجليل قدم مقاربة عن نقد النقد في الجليل، ورأى أن نقد النقد ما زال ضعيفا، ولم يعط حقه بعد. ويحيى جبر أستاذ اللغة في جامعة النجاح درس موضوعات الشاعر محمود دسوقي والالتزام في أدبه. وأما الدراسة الأخيرة فكانت من نصيب ديوان محمود درويش "لا تعتذر عما فعلت"، كتبها عبد الخالق عيسى أستاذ الأدب العباسي في النجاح، وقارب فيها علاقة الحضور والغياب في النص. وما يؤخذ على دراسته إغفال الدراسات السابقة للديوان، فقد توصل إلى نتائج توصل إليها دارسون سابقون. وكان يجدر أن يتعرض للدراسات السابقة التي تناولت ديوان درويش، ويبين اختلاف دراسته عنها.

وعلى العموم فإن كتاب "الأدب الفلسطيني في المثلث والجليل" يقدم صورة لا بأس بها عن الأدب في فلسطين، وإن لم تكن شاملة لأدباء آخرين لهم إسهاماتهم. ولعل ما غاب من أجناس أدبية ولم يتناوله الدارسون هو فن القصة القصيرة التي كتبها أدباء لهم باع في الموضوع.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى