الخميس ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم ‎⁨كاظم المحمداوي

الأقصى لن يُقصى

بالأمسِ سيفٌ وهذا اليومُ طوفان
النصرُ ياقدسُ في أقصاك عُنوانُ
أنتِ العزيزةُ عند الله منزلةً
فكيف يبتزُ عزَّ اللهِ إنسانُ
قد خصك الله بالآيات مأثرة
إذ بارك القولَ في الإسراء قرآن
وخص أرضك فيما خص في قسم
يزهو بها التين والزيتون ألوان
إنْ كانَ مِنْ جَنَّةٍ في الأرضِ عامِرَةٍ
أنتِ الجِنانُ بِها تَختالُ غُدران
مامِثلَ أرضِكِ أرضٌ في مَرابعِها
أومِثلَها شابهَ الإيوانَ إيوانُ
كلّا, ولامِثلَها عاشَتْ مُهادنةً
أرضُ السلامِ بِها تَرتاشُ أديانُ
أمضيتِ دهرَكِ في أمنٍ مُسالمةً
ارُ الوئام بها تَرتاشُ بُلدان
تَشدو المَعابدُ في عَلياكِ صادِحةً
بَينَ المَآذنِ والبَيْعاتِ صُلبان
والحالُ ما نابَهمْ غِل ولا حَسَدٌ
فيها شُيُوخٌ وأحبارٌ ورُهْبان
تَراهُمُ عانقوا في الودِّ بعضَهُمُ
كما يُعانقُ في الأعيادِ إخوان
كذلكم أنفدوا عمرًا على دّعّةٍ
حتّى بدا عاديًا بالشرِّ" أُربان"1
بابا الكنيسة في الأديار محتدمًا
يُعينُهُ واعظًا في الحشد كُهّانٌ
يَطوف في الأرضِ ما امتدَّتْ كَنائسُها
والرَّكبُ مِنْ حَولهِ قَسٌّ ومَطران
يُحرّضُ الخلقَ بالأوهامِ مُؤتمرا
تَحريضَهُ الشرَّ في الأتباع شَيطان
فجنة الله أقطاعًا يوزعها
فيها الصكوكُ لِمَنْ والاهُ غُفران
وسارَ بالجُندِ يَبغي الحقدَ مُؤتزرًا
رَمزَ الصليبِ وِشاحأ فيهِ نِيشان
يخاطبُ الناسَ ماهاجَتْ مَشاعرُهمْ
عمّا بدا كَذِبًا في الحقِّ يَختان
يا للكنيسةِ نَرعى طُهْرَ دارتها
هي الحظيرةُ عِندَ القومِ مِيطان
والجَمعُ منْ أهلنا يَحيَونَ بَينَهُمُ
صِنوَ البهائمِ حالًا فيهِ خُوذان
هَيّا على عَجلٍ هُبّوا لنَجدتِهمْ
رَهطُ المسيحِ بِبيتِ القُدسِ ذُلان
فَقُدْسُ أَقداسِنا قد هِينَ هيكَلُهُ
ومَعبَدُ القُدسِ يَعتو فيهِ طُغيان
هذا يسوعُ يُناديكمْ لِنُصرتهِ
قد عاثَ في قَبرهِ أَقوامُ رُعْيان
هنالكُمْ شَنَّتْ الصُلبانُ حَملتَها
يَعدو بها الشرُّ لايثنيهِ بُطلان
ماصابها هالكٌ مُذْ حَلَّ مَسكنَها
قَومٌ مِنَ الشرقِ فينيقٌ وكَنعان
مِثلُ الجرادِ وقد هاجتْ على ثَمَرٍ
تداهمُ الأرضَ جُرذانٌ وغِربان
ياهذهِ الأرضُ زكّى اللهُ مَنبتَها
مِنَ الجِنانِ بِها رَوْحٌ ورَيْحان
مَنْ رامَ أرضَكِ إذلالاً وَمَنقَصةً
قدْ رامَ نَفسَهُ فيما رامَ نُقصان ُ
ليسَ الجنودُ أسودًا في مَرابِضِكِ
لكنَّما فيهِمُ تَمتازُ أُسْدان
مانالَ في البرِّ غازٍ مِنكِ مَغنمةً
أو مِنكِ في البحرِ سَطْوًا نالَ قُرصان
خابَ الغُزاةُ وَعَينُ اللهِ مَرصدكِ
والرَّصْدُ مِنْ بَعدِ عَينِ اللهِ فُرسان
مَنْ يَنصُرِ اللهَ كانَ النصرُ مَوعدَهُ
وَمَنْ يُحَصّنْ فَما أخزاهُ إحصان
قد أرسلَ اللهُ أجنادًا تؤازركِ
جبريلُ في حَشدهمْ راعٍ وقُبطان
أسوارُ حصنكِ لايَنهدُّ قائمها
مَتى تَداعتْ أمامَ الغزوِ سِيران
مُذْ كانتِ الأرضُ حتى يومِ حاضرِنا
تَروي البطولةَ عَنْ أقصاكِ حِدْثان
طُوبى لكِ المجدُ يُعزى حَيثُما ذُكِرَتْ
فيها الشجاعةُ والإقدامُ أزمانُ
إنَّ الذين سَعَوا يَبغونَ هامَتكِ
قد طالَ سَعيَهمُ قَصْرٌ وعِجزان
وَيلُ الغُزاةِ بِما غاروا وما اقتحَموا
هوَ النُكوصُ لَهمْ ذِلٌّ وَخُسران
فَمنْ تَجاسرَ يَبغي وَصْمَ ساحتكِ
الوَصْمُ فيما ابتغى يُجزاهُ بُغيان
عَنْ ذلكمْ حَدّثَ التأريخُ يُخبرُنا
كيفَ انتهى جيشُهمْ بالخزيِ رومان
حتى إذا ماجرى غزوٌ لمسجدك
فما استكان لهذا الغزو عِصْيان
مِنْ ألفِ عامٍ وألفٍ قبلَها انصرَمَتْ
مُذْ كانَ يَحكُمُ أرضَ القُدسِ كَلْدان
سلوا "نبوخذ" إن شئتمْ يُجيبكُمُ
عنْ قصّةِ السَّبي سِيقَتْ فيهِ عِبران
والقدسُ كيفَ توارى ليلُ محَبسٍها
يومأ بحطّينَ لايألوهُ نِسْيان
تِسْعونَ عامًا يُفرّي القيدُ مِعصمَها
واليأسُ ما صابَها أو خابَ رُجعان
أبناؤها البُسلُ عاشوا هَمّ أمِّهمُ
عَنها فَما وَهَنوا يَومُا وَلا لانوا
حتّى تَبَدَّدَ عَنها الشرُّ مُؤتَفِكًا
حِينَ انتخى بارزًا للكفرِ إيمان
تلكَ المَشاهدُ في ألأذهانِ ماثلةٌ
كَمِثلِ رَجْعِ الصّدى تَنثالُ خِيلان
اليومَ في "غزة" تَحيا مآثرها
فالقومُ أبناؤهمْ بالأمسِ مَنْ كانوا
ماغابَ مِنْ مَشهَدٍ قد عادَ ثانيةً
روحَ العزيمةِ بَثَّتْ فيهِ أدفان

 البابا أوربان الثاني
1042 - 1099) م، كان بابا الفاتيكان من عام 1088م إلى 29 يوليو 1099م، أشعل شرارة الحملات الصليبية بإطلاقه الحملة الصليبية الأولى (1095) م.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى