الدوحة تواصل احتفالاتها بالقدس عاصمة للثقافة
عاد الى البلاد الشعراء سليمان دغش سفير فلسطين في حركة شعراء العالم , معين شلبية وعبدالناصر صالح بعد مشاركة فاعلة ومميزة في احتفاليات القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 التي نظمتها وزارة الثقافة القطرية في عاصمتها الدوحة بدعوة رسمية من وزارة الثقافة القطرية والمجلس الأعلى للثقافة والتراث القطري,
وأحيا الشعراء مساء (الأربعاء) 27/5/2009 ضمن فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية 2009 أمسية شعرية في قاعة الصالون الثقافي بحديقة الرميلة، وذلك بدعوة من وزارة الثقافة والفنون والتراث.
وتأتي الأمسية الشعرية التي أدارتها باقتدار الإعلامية أماني عواد، ضمن مساهمات وزارة الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر في الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية لهذا العام.
ويعد الشعراء الثلاثة من الجيل الثاني لشعراء المقاومة بعد محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد، هذا الجيل الذي لا يزال إلى حد بعيد منقطعاً عن محيطه العربي الكبير لما يفرضه الاحتلال من حصار وتضييق على أدب المقاومة والذي يشكل أحد أهم خيارات المواجهة الفلسطينية مع الاحتلال.
وتناولت قصائد الشعراء موضوعات مثل القدس والعدوان الهمجي الصهيوني على غزة والوحدة الفلسطينية والحلم الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال، كما أكد الشعراء بحضورهم وأشعارهم استمرار مسيرة شعر المقاومة وعدم توقفه عند جيل الرواد كما يتصور البعض، وأنّ ثمة تجارب شعرية زاخرة في فلسطين يمثل بعض أبرزها الشعراء الثلاثة تواصل مجرى هذا النهر العظيم وترفده بماء الشعر المقدس/ماء الحياة.
وألقى الشعراء -من خلال إحياء الأمسية الشعرية- الأضواء على القدس المحتلة والتي تتعرض إلى حملة تهويد مسعورة لتغيير معالمها العربية وتفريغها من سكانها العرب الفلسطينيين ومواصلة خنقها بسلسلة من المستوطنات التي تمتد وتتوسع يوماً بعد يوم، وكانت سلطات الاحتلال قد منعت أية فعالية ثقافية في مدينة القدس وداخل الخط الأخضر التي كانت مقررة في افتتاح فعاليات «القدس عاصمة للثقافة العربية 2009».
وفي بداية الأمسية شكرت الإعلامية أماني وزارة الثقافة والفنون والتراث في شخص وزيرها الدكتور حمد عبدالعزيز الكواري، والأمين العام للوزارة مبارك بن ناصر آل خليفة، ومدير إدارة الثقافة والفنون فالح عجلان الهاجري، الذي كان حاضرا في الأمسية إلى جانب شعراء وأدباء ومسئولين سامين بسفارة فلسطين بالدوحة.
وكان أول الصادحين الشاعر سليمان دغش سفير الشعر الفلسطيني إلى العالم الذي قرأ «الكلمة الأخيرة لامرئ القيس"
القيس"في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لناوالْحُلْمُ أوَّلُ خطوَةٍ في الرّيحِسوفَ أطلُّ من حُلُمي عليكِوأشتهي ما شئتُ أو ما شِئتِ من غاباتِ لوزكِوهْيَ تومئُللفراشاتِ التي ارتعَشَتْعلى قيثارةٍ في الرّوحِ تختزلُ المسافةَكيْ توحِّدَ ذاتَهافي زُرقَتيْنِقريبتيْنِبعيدَتيْنِفليسَ أبعدَ منكِ عنّيليسَ أقربَ منكِ منّيليسَ أقربَليسَ أبعدَمن سماءِ الحُلْمِ عن بحرِ الحقيقةِزُرقتانِوزورقانِووحده الماءُ المُهيمنُ في المدى الوهميِّيحتَرفُ المرايا...ها هنا في الحُلْمِ مرآةٌتُباعِدُأو تُقارِبُرُبّما كُنّا وتلكَ حقيقةٌ مخفيّةٌفيما تعدّى ظاهرَ المرآةِ في المرآةِمتّحدَيْنِمَرْئيَّيْنِمخفيّيْنِلا أحدٌ سيفهَمُ شيفرةَ المرآةِ إلاّ نحنُفالمرآةُ وهمُ الحالمينَوَوَحيُ أصحابِ اليقينِفلا تقولي للعصافيرِ التي ألِفَتْ أنينَ الر!وحِوائتَلفَت جنونَ الرّيحِوَيْحَكِ... لَنْ تَمُرِّي هاهنافي الحلْمِ مُتَّسعٌ لها..في الحُلْمِ متَّسعٌ لَنا...
وأنشد بعدها قصيدة حول غزة متوسلا للموت أن يكون رحيما بهم في ظل الحصار الطويل الذي يفرضه الاحتلال:
في سَماءِ العصافيرِما بينَ غزَّةَ والمتوسِّطِثمَّةَ طائرةٌ تتسابَقُ مع ظِلِّها الزّئبقيِّعلى سطحِ أحلامِ أطفالنا النائمينَعلى موعدِ البحرِلا كهرباءَ هنا كيْ تضيءَ منازلنافي ظلامِ الحصارِ الطويلِ الطويلِعلى حافّةِ الموتِما أصعب الموت حينَ يجيءُ بطيئاً بطيئاًكما السُلحفاة ليأخُذَ أطفالناواحِداًواحداًكُنْ رؤوفاً بنا أيُّها الموتُما أنتَ إلاّ ملاك نبيل توصّى بنالا تَكُنْ قاسيَ القلبِخُذنا جَميعاً إلى ملكوتِكَ لا تتلكأْلماذا تُقَسِّطنا هكذا دفعةً دُفعةًطالما اخترتَنا للرحيلِ إليكَ على جانحيكَتقدَّمْ تقدَّمْفإنَّ فراشاتنا احتَرَفَتْ سُنَّةَ النارِ حولَ القناديلِكيْ تتوضّأَ بالضوءِأو تتوحَّدَ بالمستحيلِ على بُعدِ وَمضَةِنجمٍ وليدٍيسمّى لدينا الشهيدَ الشهيدأما الشاعر معين شلبية فأنشد عن «رحيل الروح»:رأيتك ترسمين الحلمبينالناروالغسقوفوق الليل أقماروخلف الروح أحزانولون الحزن كالشفق....رأيتك تحملين البحر في عينيك مغترباوألواحا من الإيمان والفكرسألت البحر هل يدري بحاملهفرد البحر أمواجا من الأرقرأيتك تغرقين الحزن في شفتيك صامتةألا تتساءلين الآن عن غرقي؟فقلت: بلىلماذا النهر لا يجري كما ينبغيولا نبغي عبور الحب كالورقثم تلاها بقصيدة «الموجة عودة»ولماذا أسامح يا أصحابهل أحد منكم يحمل أمتعة الصبح مكانيهل من يقرأ في حزني النكبةويشارك في موت الليل مقاساة العتمةويمزق شريانا في أحشاء زمانيكانت في قلبي تتفتح زهرةكانت في روحي زنبقة مرةمر العمر ويا ليته.. ما مر.....كانت في قلبي تتفتح طفلةتتململ في رحم الأحزان.. تعانيكانت في روحي أنثىترسم أجنحة الشمس وأعقاب البسمةلكن سهاما من قوس أحبائيبعثت في عز الصبح إلى روحي.. فأصابت!ماذا أفعل يا أصحاب؟هل يوجد من يحمل منكم أتعاب الأمةهل أحد منكم يقرأ أسفار البحرويرشف من قاع الكأس بقايا الجمرةوتقول الطفلة:ماذا أفعل كي تجعلني حبلى!.....ماذا أكتب يا أغراب؟هل يوجد من يفهم فيكم ما قد كتب؟قد أكتب عنكم كل خطاياكموأعانق فيكم في عز الظهر عذابيلتكون الثورةلتكون الثورةلتكون الثورة.وغنى بعدها لـ «محنة الألوان»:هناكخلف البحار العتيقةلا نوى قرمزي يربض خلف الزحاملا نوارس تودع عش الندىولا هواء يحرك في الصدىلي خلف البحار بحارولي وردة في مرايا الكلاموفناء مرجعي يحمل خيط المدىيدي على ساحل الجسد المخيمويدي الأخرىنواحي الكلامفاخرجوا مني لتعبر خطوتيرويدا رويداثقوب الخيام.وختم قصائده بـ «رؤيا» وفيها:تصورت يا صديقتيأن قراءة الشعرقد تكون دهشة أو نزوة أو همس ناروتصورت يا جميلتيأن كتابة الشعرقد تكون فكرة أو شطحة أو عنفوانوتصورت يا حبيبتيأن الأنوثةقد تكون خفة في الكشف أو رعشة انبهاروتصورت يا أميرتيأن وصلك الوحشيقد يكون نزعة أو جرعة أو كهرمانوتصورت أن الحزن غاليتيوطن ككل المرايا وكل البحار.وحيى الشاعر عبد الناصر صالح دولة قطر، وجاء الشكر والعرفان بالجميل قصيدة نوردها كاملة:قطر.. قطرالليل يشتهيك والنجوم والقمر..وشاعر متيم بالعشق،مولع بوجهك الفتانمولع بالنور يأتي من مرافئ السمريا ظبية الصحراء في بهائهاوموجة البحر التي تظل في حضورهاعصية على الخطرآتيك من بلاد الخوف والحصارْآتيك مثقلا بالعطر والأشعارآتيك من حقول الناروفي حقيبتي وصية الأطفال والنساء والشجر..وصية الأرض التي تحلم بالظفر..آتيك يا حبيبتيوكلما أتيت دوحة الضياء والسَّحرتغسلني عيناك، يملؤني العشق والمطر..فلتسلمي وتسلميمدى الدهور يا قطر..
قصيدة «وجه الغزالة.. ماس جدائلها»، وهي قصيدة أهداها إلى الطفل الشهيد فارس عودة الذي تحدى قوات الاحتلال بصدره عاريا، ولم يكتفي العدو بقتله بالرصاص، بل أمعن في القتل وجاء عن طريق المدفع، ومزقوه مزعا، وفيها:
ولد معجزةعاد من نومه تحت ظل الصفيحوأودع أحلامه غيمةوعصافير تعبر صوب المخيمرتب أشياءه في الحقيبةأقلامهصورة الأهلرائحة القمحواجبه المدرسيبشاشة وجه المعلم أو عنفه حين يغضبرهبته حين يفشل في حل أسئلة الامتحانوفرحته حين يمضي إلى الجائزة.....ولد معجزةيفتح الآن نافذة ذؤابتها أيكة الصدريبعث أغنية للغزالةوهي تجوب الزقاق على هدي أنفاسه(يتذكر:وجه الغزالة مفتتح اليراعاتحين يجف الكلاميسيل الهواء دما صافيا)يتهيأ للصحوأي الدروب سيسلكها دمه؟أي قنبلة ستفجر رأس الفتىوتميط اللثام عن الجرح(والجرح أوسع من دورة الأرضوالقلب أكبر من لهفة الغائبين)يتهيأ للصحوقال الفتى وهو ينفض أعباءهليس يأخذني النوم من يقظة السيفلا وقت للنوملا وقت للانتظار قليلا لكي تعبر الحافلاتعقارب ساعته سوف يدركها الوقتوالأصدقاء يجيئونيتجهون إلى أول العمر:راياتهموالنشيد المؤجلوالشجر النبع والقدس والعرسوالطفل يصعد أدراجه الجاهزةوبعدها قرأ قصيدة صمت:الآن انزلقت من أهداب الليل غصون الموتالآن بكيتوشربت مرارة كأسينادمني الحزن/ السجن/ الوقتالليلة زارتني عيناك وساد الصمتثم قرأ على الحضور قصيدة قصيرة بعنوان: «كآبة»تزورني الكآبةتسحقني الهموم والرتابةفأرتمي في حضن عزلتيفي حضن مأساتيمسافرا يهدني التعبينخر في أحشائي السغبلن تطفئي بركان ثورتيلن تقطعي بقشة شلال أمتيلن تقطعي جذوريفلتدركيفلتدركيحقيقتي
يشار إلى أن الأمسية الشعرية أبى النثر فيها إلا أن يقول كلمته، وفسحت الزميلة أماني عواد النقاش، ودار الحديث حول دور الشعراء في لم الشمل ووحدة الوطن، وقال الشعراء إنهم بكلمتهم وشعرهم فداء للوطن، رغم حملة التهويد المسعورة، ومصادرة الأراضي والقتل والتشريد والتجريف، ولن يرضخوا وإن كان الثمن الأغلال والسلاسل والسجون.
قناة الجزيرة تستضيف الشعراء الفلسطينيين:
هذا وكانت قناة الجزيرة قد استضافت الشعراء الثلاثة في برنامجها الصباحي حديث الصباح يوم الخميس الساعة التاسعة والنصف في بث حي ومباشر وأجرت المذيعة والإعلامية المتألقة هبة الغمراوي حواراً لمدة نصف ساعة مع الشعراء تناول موضوع القدس وأدب المقاومة والحرب على غزة والانقسام على الساحة الفلسطينية. وألقى الشعراء بعضاً من قصائدهم أثناء اللقاء. وتجدر الإشارة أنها المرة الأولى التي تستضيف بها قناة هامة بحجم الجزيرة الشعراء الثلاثة الذين يمثلون أهم شعراء الجيل الثاني في أدب المقاومة هذا الجيل الذي لا يزال قليل الحظ مع الاعلام العربي بشكل عام
كما استضافت إذاعة قطر مساء الخميس 28/5/2009 الشعراء في حوار حيّ ومباشر أدارته المذيعة والإعلامية بثينة عبدالجليل تناول الوضع الراهن في فلسطين والانقسام الداخلي وأوضاع القدس التي تتعرض لحملة تهويد مسعورة إضافة الى المشهد الثقافي وأدب المقاومة. وغطت الصحافة القطرية كافة الفعاليات التي قام بها وفد الشعراء تغطية موسعة وشاملة.
