الأحد ٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم وضحى المسجّن

الذات في حيرتها المطمئنة

ماذا لو حمله اللا مألوف واللا اعتيادي على النأي عما في دواخله، بالشكل الذي تتراجع معه إمكاناته في إدراك ما تنطوي عليه مشاعره و أفكاره، أتراه يصبح أقل وعياً بذاته؟! من باب أن القدرة على الملائمة بين الحواس و الأفكار شكلاً للوعي بحقيقة الباطن.

الكائن الأشد بداهة بحجم التباعد بين ظاهر موقف ما وباطنه ليجعل من العادي متفرداً، و يوازي بين صورة الشيء و فكرته، اختلاف سيكولوجيته عن الآخرين تهيئ له مميزات الذات المغايرة، ألا يمكن أيضاً تصل به لفكرة محيّرة عن نفسه، ربما عن كينونتها وفيوضاتها وربما عن مساحة الطراوة و القِدَم فيها.

يستعيد في ذاكرته معالم خطواته الأولى، لحظة تغيّر مساره، الساعة التي اجتمعت فيها الأشياء و الموجودات المتباعدة لتشكّل كليات جديدة في مخيلته يتمثلها بفنّه سواءٍ بالقصيدة أو الموسيقى، بالتشكيل أو الفوتوغرافيا ، فتأخذه الحيرة، يتفحص جوانب العمل الإبداعي ليطمئن و يثبت أمام خديعة الحواس، يؤكد التصاقه بالعمل في الوقت الذي ينظر فيه لمبعث الأشياء، يستحث مكامنها ليطرح سؤالاً قديماً عما إذا كانت هذه النتاجات توجد معه أو تجيئه من الخارج أو هي من صنعه.

إنها الحيرة المشغولة بالدهشة –التي عبّر عنها أنسي الحاج بقولة_ "كلما عدتُ لقراءة شيء لي بَعُدت المسافة بيني وبينه إلا وشعرت أَن ثمّة من يسكنني فأكتب حين يريد وبعد أن تُعييني مغالبتُه" هل تدفعك هذه العبارة لتقصيّ ماهية الإبداع؟لقد بات من الضروري أن يبحث المبدع عن لغة ثانية يدخل بها أعماق الذات بعيداً عن أي انزياح أو إسقاط, ليخلق من حيرته إسراء نحو اللانهائي محاولاً مقاربة وجوده الذهني بالوجود الموضوعي!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى