السبت ١٣ أيار (مايو) ٢٠٢٣
بقلم سليمة مليزي

الملاية القسنطينية والسطايفية تحدت الزمن

الملاية القسنطينية والسطايفية تحدت الزمن، ولا تزال تقاوم النسيان؟

بمناسبة شهر التراث...

الملاية السوداء، التي تفننتْ فيها المرأة القسنطينية، وأصبحت تميزها عن جمال بقيت النسوة،
الملاية".. قصة"اللباس الأسود الذي لبستهُ المرأة القسنطينية. حزناً، على رحيل"باي البايات"صالح باي قسنطينة في عاصمة الشرق الجزائر،

تروي حكاية وتاريخ"الملاية"، وهي عباءة سوداء ترتديها النسوة شرق الجزائر، قصةٌ حزينةٌ حدثتّ العام، 1792م في مدينة قسنطينة، مدينة العلم والعلماء والأصالة والتاريخ والجمال، الملاية السوداء، التي تفننت فيها المراة القسنطينية، واصبحت تميزها عن جمال بقيت النسوة، يسميها كثيرون "الملاية" أو الملاءة وهو اسم عربي، وهي لباس يتكون من قطعتين؛ قطعة أساسية سوداء طويلة عريضة فضفاضة تغطي الجسم كله من أعلى الرأس إلى القدمين، وقطعة ثانية صغيرة بيضاء لتغطية الوجه عبارة عن نقاب وتسمى "العجار"، وفي منطقة سطيف تسمى (النقابية) فيظهر من وجه المرأة سوى عينيها.

وقبل الملاية السوداء، كانت ملاية تسمى (العش) التي كانت تختص بها "العواتق" أي الصبايا المراة الغير متزوجة، و كانت عبارة عن ملاية مخططة بالأحمر والأصفر والأبيض، وكان المعتقد أن هذه الخطوط تخفي مفاتن المرأة، انتقلت الملاية إلى الولايات المجاورة، كمدينة سطيف، وضواحيها وعنابة برج بوعريريج،و قالمة وغيرها من مدن الشرق الجزائري، وكالحايك الذي ابتكر في القصبة العاصمة الجزائرية... لعبتْ الملاية دوراً هاماً خلال ثورة التحرير المجيدة، وتحولت من لباس تقليدي إلى سلاح من الأسلحة التي استعملها المجاهدون والمجاهدات لمحاربة فرنسا، وتحت سوادها أخفيتْ المرأة الأسلحة، وتنكر بها الرجال كالتنقل بين أزقتها أو لإيصال الرسائل أو الذخيرة، خاصة أن الاستعمار كان يخشى من مغبة تفتيش النساء بملاياتهن ففوق (العجار) كانت عيونهن تطلق رصاص الكبرياء والتحدي.

خاصة المرأة السطايفية التي هي أيضاً تلبس الملاية السوداء خاصة في مظاهرات 8 ماي لعبة دوراً كبيرًا في مساعدة المرأة، في حمل الأسلحة، والمؤن، إلى المجاهدين،. كون الملاية فضفاضة، ولونها الأسود، الذي لا يظهر منها شيئاً، وتعرف الملاية السطايفية، المرأة السطايفية التي تلبس معها بنوار شرب الزدف، والحلي الذهبية ومحزمة (اللويز) وهي قطعة من الدهب عليها صورة الويز الرابع عشر، والحناء الحمراء، التي تضيف جمالاً أخاذاً للمرأة السطايفية، ويتميز (العّجار) أو (النقابية)، المعروفة في سطيف، حيث يختلف الخاص (بالعواتق) أي الصبايا، طويلاً يصل حد السرة ويرشق أسفله باللويزات أو ما يعرف (بالقداديش) وهذا ما خلده الرسام"بوين جريلام تشارلز"والذي كان مولعا برسم مدينة الباي، وبالنسبة للمرأة الكبيرة في السن تلبس مع الملاية المعروفة بالنقابية، وهي تخاط بالقماش الأبيض الخفيف، وتطرز على الحواشي بالحرير الأبيض، و تكون قصيرة نوعاً ما، قبل "الملاية" السوداء اللون، كانت نسوة قسنطينة يرتدين "ملاية" بألوان زاهية، لكن قصة تغيير لون"الملاية"من الألوان الزاهية إلى اللون الأسود ترتبط بمقتل حاكم المدينة صالح باي حزناً على وفاته.

حكم صالح باي منطقة الشرق الجزائري وعاصمتها قسنطينة طيلة 21 سنة (المنطقة كلها كانت تسمى بايلك الشرق)، خلال فترة الوجود العثماني في الجزائر، وعرفت المدينة في فترة حكمه نهضة في الثقافة والعمرانوالتطور، وبات صالح باي محبوباً من طرف سكان المدينة العتيقة، قسنطينة الجمال، حتى أطلق عليه لقب"باي البايات".

مع دخول الحجاب والجلباب، على المجتمع الجزائري، تخلتْ الكثير من النسوة على ارتداء الملاية، إلا القليل، من النساء، اللواتي، لا يزلنْ يلبسنْ الملاية في سطيف و قسنطينة، ويعتبرنها جزء لا يتجزء من تاريخمهم الحافل بالانتصارات والجمال، حيث لا تزال العائلات في الشرق الجزائري يحتفظّنَ بالملاية والنقابية في بيتهن، حتى تبقى شاهدة على أجمل مرحلة مرت بها المرأة الجزائرية، وهي مرحلة الازدهار الاهتمام بتراثنا العريق والجميل، لذالك يجب على كل عائلة أن تحتفظ باللباس التقليدي الجزائري كإرث غني يحاكي للأجيال تاريخ الجزائر الحضاري الغني بجمال العيش الكريم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى