الأحد ٢٩ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم سيد صدقى فهمي أحمد

الموتُ والأنباء

غدًا ربما أو بعدَ غد
سيعلَّنُ النبأ
سيطلُّ المذيعُ خلفَ الشاشةِ مبتسمًا
وسنقرأُ ما يقولُ في شريطِ الترجمة : انتصرنا
وما زالت الطائراتُ والبوارجُ
بحالتِها كما هي ذات كفاءةٍ عالية
: انتصرنا وجندُنا الآنَ بأحذيةِ الشتاءِ
فوق الركامِ ينتقلونَ من خرائبَ إلى خرائب
: انتصرنا ولم نتركْ من الأرضِ شيئا ولن يكون
فقد اختلطَّ بالثرى الفوسفورُ والغازُ المحملُ بالسموم
فلن تُنبتَ الأرضُ سنبله
...
غدًا ربما..
سيرسلُ أصحابُ التاجِ والملوكُ برقياتِ التهنئة
فلم يكن هناكَ من سبيل
أن يدركَ القتيلُ فعلَهُ المُشين
إلا أن تثقبَ رأسَه رَصاصه
وإنا نصحناهم، فليس ما نحنُ عليه خنوعٌ
إنما سياسه !
...
غدا يا ويلنا.. يا ويلَّكم
فالذئبُ لا يُعطي للتطبيعِ قيمةً
ويظلُّ في انتظارِ الخرافِ الشاردة
ونحن يا سادتي الحكامُ والملوكُ
ليس لنا درايةٌ بحكمتِكم
وما أنتم عليه من كِياسَةٍ
ومن نَباهةٍ
ومن فَراسه
لم نقرأ كتابَ الأمراءِ وسبلَ المهادنة
أو نعرفُ ما يدورُ في أروقةِ الجامعة
لكننا نعلمُ إنا قتلى
أو تحت أنقاضِ رُكامِ المذبحةِ القادمة
...
يا سيدي يا من هناك ستسمعُ الخبر
غدًا ربما أو بعدَ عام
ستمرُ فوقَ رأسِك قذيفةٌ من بارجة
أو طائرةٌ تُهدي لدارِك التي
على سفحٍ أو فوق تلٍ قنبلة
فالعالمُ القميءُ ذاقَ طعمَ الدم
وتخضَّبَ الثوبُ من طعنةٍ قد دسَّها
في صدرِ طفلةٍ جشع
وأصابَ قلبًا مطمئنًا جزع
وما مِن شاهدٍ يعلنُ للملأ
بأي ذنبٍ قد استباحَ قاتلٌ دماءَ من قَتل
ولِمَ تَبَدَّلَ الأمانُ بالفزع
وتَشَرَّدَ في مجاهلِ الصحراءِ والشعاب ألوفُ البشر
لِمَ تقصَّفَ الزيتونُ وحَلَّ فوق رأسِه الظلام
ولم يَعُد طفلُ السادسةِ
يُداعِبُ الفراشاتِ في حديقةِ المدرسة ؟!
أو أطَلَّت البناتُ في المرآةِ
كي تُخَضِّبَ بِالحِنَّاءِ شعرَها
تحتارُ هل تتركُه في انْسِدال أم تلمُه ضفائرَ
ضفيرةً ضفيرةً على مَهَل
أو وضعت النساءُ قِدْرَها كي تعدَّ الطعام
فهم ما بين جريحٍ وشهيدٍ
وغائبٍ مازال يصارعُ الموتَ تحت الرُكام
وأنت تشاهدُ الأحداثَ لم ينبض الشعورُ ولم تكترث
وليس هناكَ من يُرتَدَّع
غدًا هنا، وهناك لن يبقى للحياةِ من وَجهٍ
لا تلطمُهُ اليدُ الآثمة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى