الخميس ٢٨ آذار (مارس) ٢٠٢٤
بقلم شذا نوفل القاسم

بيّارات الضياء «أبطال غزّة»

في أوَّلِ السطرِ صاغوا الحرفَ فانتثرا
ورداً .. فراشاً .. سحاباً .. أنهراً .. شجرا
سالوا لتعشبَ هذي الأرضُ ذاتَ جنىً
ويهطلَ الحُبُّ من أشعارهم مطرا
ذرُّوا على الليلِ والأحلامِ أنجمَهمْ
وألبسوا الصبحَ من أسمائهم ليرى
يقول ليْ النايُ : هذا اللحنُ يعرفهمْ
كأنهمْ أغنياتٌ جُسِّدتْ بشرا
يقولُ ليْ الطينُ: لا فخّارَ يشبههمْ
بل شُبِّهوا وتراءَوا للورى صوَرا
يُحَدِّثُ البحرُ ، يحكي عن نوارسهمْ:
تعلو .... وتعلو ... إلى أنْ تبلغَ القمرا
وكيف يغفو على أكتافِ زرقتِهمْ
وكيف فاضَ بهِ فيروزُهم دررا
يقول ليْ الشفقُ البحريُّ : موعدُنا
في آخر الأفْق لحناً راقَصَ الوتَرا
تُحدِّثُ الشمسُ ، تروي عن أصائلهمْ
وكيف من حبرهم قد آنسَتْ شررا
يُسِرُّ ليْ الليلُ يسري في هواجسهم:
هم أوقدوا الشَّجْوَ في نجوايَ والسَّمَرا
تحكي ليَ الأرضُ مذْ مرّوا بها حَبقاً:
قد خففوا الوطْءَ حتى أطربوا الحجرا
تقول ليْ حكمةُ الصحراء : يُنكِرهمْ
صوتُ السراب الذي من خطوِهم حُسِرا
تروي ليَ الريحُ: كم أُشرِعتُ عاصفةً
حتى انطفأتُ، ولم أطفئْ لهم أثرا
تقولُ ليْ النارُ : ما أسرفتُ في لهبي
إلا وكانوا كَتِبْرٍ في اللظى انصهرا
يقول ليْ كلُّ حُرٍّ : إنهم وطنٌ
للمتعبين، وقمحٌ في فم الفُقرا
وإنهم ثورة الإنسان تلهمه
فكراً مضيئاً تسامى عِزَّةً .. عِبرا
يجيبني الشِّعرُ : ما هم غيرُ قافيةٍ
من السماواتِ، لا ما خطَّه الشُّعَرا
فيا ابنةَ الحرفِ صيغي الشوقَ ، واحتجبي
بحبرهمْ، واحبكي تلك الحروفَ عُرى
وتوِّجي الرأسَ بالغار الذي نَسجوا
منه البهاءَ وإكليلَ الضيا العَطِرا
يقول ليْ هدهدٌ عن فتيةٍ عبروا
حدَّ المجاز الذي قد عانق السُّوَرا:
تعطّروا باليقين المحضِ، وافترشوا
ثوبَ الحقيقة حتى استعذبوا السَّفَرا
ريحُ البِشارةِ من قمصانهمْ عبقتْ
كيما تعيدَ إلى أحداقنا النظرا
ساروا بصحرائنا ...، إذْ كلما عبروا
فاضوا كنهرٍ على جمر اللقاء جرى
يحكي لنا زَهَرُ الليمون كيف غفا
بكفهم .. واستعارَ العطرَ وازدهرا
في مهد عيسى يضيءُ الشمعَ جرحُهمُ
وينزفون سناً حيث النبيُّ سرى
في آخر السطر خطّوا الدربَ ملحمةً
خضراءَ ترسم في هذا المدى قدرا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى