
«تبكي وحدها» لكوثر النيرب
صدر حديثاً عن دار موزاييك للترجمات والنشر والتوزيع في عمّان، كتاب "تبكي وحدها" للشاعرة كوثر النيرب من غزة، الكتاب وقع في 70 صفحة من القطع المتوسط، واحتوى على 19 قصيدة نثر، تنوعت موضوعاتها بين الوطني والعاطفي، وتتخذ قصائد الكتاب بعداً مقوماً من خلال ما تقدمه من حب للحياة والإصرار على العيش بشكل عادي، تظهر هذه التصديرات طبعاً بشكل ضمني لا علنيّ من خلال استنتاجات يمكن للقارئ أن يلمّ بها معتمداً على إيحاءات النصوص ودلالات الأجواء النصيّة.
امتازت لغة الكتاب بالخفة، وباقترابها من المحكية في مواقع عدة، ما منحها سلاسة وقرباً، مستمداً من بئر النثر موسيقى تعبّر عن المحتوى الواضح أحياناً والذي يتعفف عن القول في أحيان أخرى.
تقول:
تصحو المدينة... تنام المدينةكم مرة تنام؟ كم مرة تصحو؟هي دورة للمات،هي دورة للحياة،تتبخر أحيانًاتحبَل الغيوم بهاتهطل سهولًا من رمادوجبالًا من سوادفي شوارعها أعمدة نورخجلى تخاف ظلهايؤرقها السهر بلا طائلبلا متسكعين يقطعون الوقت،يمشون على حواف المجهول،بلا هوية أو سائلوجذور الموت تنبت على الحائط،وتنمو الجثث... تعلو وتعلوحتى تورق في السماءبنفسجًا يضيءُ غبَس الليللعشبٍ يمحو خطى الخريفوالعظام تأكل الكلمات والحروف،هي المدينة تنتظر الغُبَّتنتظر بعد أن غَبِصَت عيونُها الغبارَ والرمالالشمس لا تأتي في صندوق يطارده غزال،يفاوضه، يحاوره ليحرر الشمسوتبقى تنام المدينة...تصحو المدينة...
محاولة تصوير غزة بعين أخرى غير نادبةٍ ولا حالمةٍ. وفي سياق آخر تصور المدينة خراباً ودماً يطال الطفولة:
كانوا هناك يتفيؤون ظلالَ اللّوزلم تعد الغيمة التي واعدَتْهمظلّوا ينتظرون ...كان سلمُ الوقتأفعى تأكل بعضهاوالنار التي أكلَتهمكانت قد وعدتْهمبالمنّ والسلوى
أما الغلاف فقد صممته الفنانة روزان القيسي وجهاً مشعاً برغم الخراب كإشارة لإرادة الحياة رغماً عن الحرب والموت، والانشغال بتفاصيل دقيقةً كمكياج العيون وتسريحة الشعر التي تنسجم مع الفوضى أيضاً.