تكريم صنع الله إبراهيم في برلين بجائزة ابن رشد للفكر الحر
منحت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر جائزتها هذا العام للروائي المصري صنع الله إبراهيم. تم ذلك في احتفال بهيج حضره عدد غفير من المثقفين العرب وممثلون عن الجمعيات العربية والألمانية والأكاديميون الألمان ومجموعة من الصحفيين العرب والالمان والسلك الدبلوماسي العربي.
وقد تسابقت أجهزة الإعلام العربية والأوروبية في إجراء مقابلات مع الروائي صنع الله إبراهيم طيلة إقامته في برلين.
وقالت المؤسسة في خطاب التكريم : إنّ مؤسسة ابن رشد للفكر الحر تقدم للمرة السادسة جائزتها في برلين ونالها هذه السنة السيد صنع الله إبراهيم الذي كرس حياته بجرأة ودون حلول وسط سواءً في كتاباته الأدبية أو في تصرفاته للوصول إلى الحق وحرية الرأي والديموقراطية في الدول العربية. وقع الاختيار عليه من قبل هيئة تحكيم مستقلة تكونت من خمسة أعضاء من أشهر المثقفين وأساتذة الأدب العربي.
روايته الأولى التي نشرت غير كاملة عام 1966 تحت عنوان " تلك الرائحة " التي تصف تجربته في السجن والفترة بعد خروجه مباشرة حددت اتجاه نشاطه الأدبي الكامل بعد ذلك. تم مصادرة رواية " تلك الرائحة " من سنة 1966 حتى 1986 حيث تم نشرها لأول مرة بكامل نصوصها الأصلية.
وكمؤرخ لزمنه طرح صنع الله إبراهيم موضوع الحرب الأهلية في لبنان في كتابه "بيروت بيروت" (1984) وفي كتابه "وردة " (2000) يعالج تجربة جبهة التحرير في سلطنة عُمان أوئل السبعينات. أحدث رواياته هي "أمريكانلي"(2003) التي يمكن أن تقرأ " أمري كان لي"وتسجل تجربة أستاذ تاريخ مصري في جامعة أمريكية وتعرض لتاريخ كل من البلدين.
صنع الله إبراهيم رصد تطوره الفكري من خلال ملاحظات كان يكتبها على ورق السجائر في السجن علي مدى سنوات ووضّح مفهوم الالتزام عند كتّاب عالميين كما وضّح تطور هذا المفهوم لديه شخصياً.ً
قضى الكاتب صنع الله إبراهيم خمسة سنوات ونصف في السجن من 1959 إلى 1964 عقب السجن الجماعي للمثقفين في مصر في الستينات.
وذكر صنع الله إبراهيم في خطابه: " كنت أنمو بسرعة. قالوا إن السجن مدرسة للثوار ولدي شكوك بالنسبة لصحة هذه العبارة .لكني متأكد من أن السجن مدرسة هامة للكاتب . ففيه يحتك بشخصيات ومواقف متباينة ويتعرف علي كتابات متنوعة ويثري معارفه بمناقشات لأفكار مختلفة وبملاحظات عن السلوك الإنساني ومحاولات لفهم دوافعها. الوقت في السجن طويل طويل يتيح للكاتب أن يفكر ويتساءل ويشك ويقترب من الضعف الإنساني ويصبح هو نفسه أكثر إنسانية."
وتابع في مكان آخر من خطابه: " وبينما يباد الشعب الفلسطيني على رؤوس الأشهاد، وتضع الإمبراطورية الأمريكية يدها علي بترول العراق وتستعد للسيطرة علي بترول إيران، ويُصنع من الإسلام غولا يستخدمه رأسماليو أوروبا في التغطية على استغلالهم لمواطنيهم ، وتوضع القوانين الفاشية باسم محاربة العداء للسامية. .. بينما كل هذا يجري يتحدث المثقفون" الليبراليون" عن الحكمة والسلام والتسامح والحوار وحب الآخر والتجديد الديني."
فجّر إبراهيم ضجة كبيرة عندما رفض قبول " جائزة الرواية العربية سنة 2003 المقدمة من وزارة الثقافة المصرية، وقال في خطابه : "إن هذه الجائزة مقدّمة من حكومة لا تملك –في نظري- مصداقية منحها".
خلال أعماله نادى صنع الله إبراهيم بالاحتفاظ بالضمير الناقد لكي نرى من خلاله ونفهم العلاقات السياسية المعقّدة. رواياته تُشجع قارئيها على المقاومة، لا على تحمل الوضع المزري.
وقالت الأستاذة ألريكِ شتيلي فيربِكْ في خطاب التكريم: على الرغم من الأضرار التي أصابته والمعاداة التي واجهته كان صنع الله إبراهيم مخلصاً لمثله العليا وهي البحث عن الحقيقة. صنع الله إبراهيم منوّرٌ منذرٌ لا يكل ولا يتعب - هو ضمير الأمة الجسور. هذه الجرأة في البحث عن الحقيقة والمعرفة تربط صنع الله إبراهيم بابن رشد وأنه مثله لا يخاف من أي جدل مع الغريب أو بالأحرى من التفكير الغريب . وجائزة ابن رشد تُمنح اليوم لشخص وضع بكتاباته وأعماله علامات واضحة ترمز للوقوف ضد أي نوع من الوصاية والكذب والتعسف والعنف وانتهاك حقوق الإنسان.
أصبح اسم صنع الله إبراهيم يرمز إلى الفكر الحر وكرامة الإنسان.
ومؤسسة ابن رشد للفكر الحر ومركزها في برلين / ألمانيا ومعظم أعضائها من العرب في الوطن العربي والمهجر تمنح جائزتها السنوية لإحدى الشخصيات العربية التي تساهم في مجالها في دعم قيم الحرية والديمقراطية في البلاد العربية. وتم حتى الآن منح جائزة ابن رشد للفكر الحر لكلٍ من: قناة الجزيرة الفضائية، السيدة عصام عبد الهادي، الأستاذ محمود أمين العالم، السيد د. عزمي بشارة، الأستاذ محمد أركون والأستاذ صنع الله إبراهي