الخميس ١٣ آذار (مارس) ٢٠١٤
بقلم
ثَلَاثٌ وعُشرون قاطرةً
تحملتُ ضعفي ودخنتُ هذا الهواءَوقلتُ كرهتُ طمأنينةً فى عيونِ الحكيماتِلا أتحملُ ضيقَ المكانِولا حرفيةَ باعوضِه فى اختبارِ دميوكرهتُ معاملةَ الناسِ لىكخيالِ مخرفةتعبتُ من الحدقاتِ التى تتوجَه نحوىتعبتُ من اليرقاتِ تضيقُ علىَّأدَوِّرُ عن حادثات مررتُ بهالأفرَّ وأهربَ منهموأذكرُ أنى الوحيدُالذى غادرَ المدنَ الساحليةَ للبحرِقبل انتشارِ الطاعونِ بهاأهلُوها طاردونى فغادرتُهامن ثلاث وعشرينَ قاطرةًفحيتُ بذاكرة عذبةتعلمتُ أن أختفى لأبينَوأن أتمشى لأسرعَأن أرتخى لأحسَّ بسرعةِ نبضىوأن أُشبه الببغاءَأكررُ ما أسمعُ:الأرض منبعج قطرُها فى الشماللأن ثقيلا تمدد لم تحتمله فمالتأكررُ ما أسمعُ:العبقرىُ زميلُ الدراسة جنَّلأن أخاه اختفى فى المياهولم يستطعْ أن يمدَّ يديه لهحزمةُ القشِ لم يحتملْ ثقلَها جدُنافأصيب بغيبوبة لم يفقْ بعدُ منهاحبيبةُ حوزى قريتنا غادرتهفمالَ على بغله وبكىأكترى شمعدانا يضىء لى الأرضأدخلُ فى خيمةِ لعجوزتغيبُ ملامحُهايطلعُ الحكىُمن حكة لعجوز تقصُّ:تشققتُ فى البردِهذا دمى يتيبسُلم تدخلِ الشمسُ دارتنامنذ غادرها رجلىحاملًا قوسَهماسحَا عتبَ البيتِ بىأتشبثُ:لا تتركنْ زوجةً وبنين وبيتًالليل طويل وسَهَارَةوفتيل يَقلُّ مع الوقتِلا تتركنْ زوجةً وبنينَ وبيتَاسوف تقتلُ يا رجلىوأموتُ من الحزن والبرد..لا أتتبعُ أثرىفقط أشترى شمعدانًا يضىءُ لىَ الأرضَأو أشترى برتقالاًأقشرَه وأغنى على ساحلِ البحرِلا أتذكرُ كم ساعة قدماىتشققَتا فى غيابى عن الوعىصدقتُ قلبى فأرشدنىأن أغيرَ واجهتى وأتوهأُدَوِرُ عن أرضِ قومِوعن كائناتِ تَرانى كما أشتهىوإناثِ تؤججُ رغبتَها بالصياحِومستنقع يتألفُ فيه الفراشُوقلت أحِّفظُ شِعرىلزوجين من ضفدععند مطلعِ هذا النهارِلكى تسمعَ الكائناتُ صداهوقلتُ سأودعه فى زجاجةِ خمروأقذفها فى اتساع يدىَّ من البحرِيحملُه الموجُقد يتصادفُ أن يتعلقَفى شَبكِ الصيدِأو فى عباءةِ بحارةأو ربما تَتَسلى به ترسةٌوصدقتُ قلبى فأرشدنىأن أحبَ فتاةَفأغريتُها بالحياة معىقلتُ تنفعنى فى ممارسةِ الصمتِوتشبهنُى فى طبيعةِ حزنىفألفت 6 قصائد فيهاوشبهتًها بالندى والتوابلِلم أمتلكْ غير ذلك من أدواتِ البلاغةِقلتُ أحبكأهديتُها وردةً وثلاثةَ كتبولكنها لم تشأ أن تعانقنىفى النهايةِ صَادقتُ بنتَاوأغريتُها بالحياةِ معىقلتُ سوف أكوِّن كوخًامن العشبِ أسفل شجرةِ سروولكنها لم تشأ أن تصارحَنىأننى لا أناسبُها فاختفتْوندمتْ ثلاثا وعشرين قاطرةوبقيتُ أدندنٌ:لا أحدٌ يا ابن آدم يهواكلا أحدٌ ينتمى للطبيعةِ مثلكأنت الذى لا تناسبُه التكنولوجياوأنت الذى يتبسطُ كالحيوانِإن خفتَ تقطنُ كهفًاإذا أعجبتك فتاةٌتصفرُتهذي إذا غاضَبتكولم تنزلِ النهرَ فى الفجرِمنذ ثلاث وعشرين قاطرةًلم أنمْ مطمئناًولم أتخلصْ من الخوفِأيتها القسماتُ وأيتها الأرضُلا أتغيرُ فى الحُلمِ بل فى الحقيقةأرصدُنى ساعةً أتربصُ بالنملِأقتلُ واحدةً لأبدلَ من شهوةِ القتلِ عندىفأهدأُأسرقُ نصفَ رغيف من الجارِأصعدُ نخلتهأقطفُ التينَ ثم أفرُوأسخرُ من عتباتِ الفضيلةِ والصدقِأكذبُ:إن أبى ليس فى البيت يا أيها الدائنونوليس ينامُ بخزَّانةِ القمحِينتظرُ الموتَلا تقتلوه ولا تقتلوناويا أيها الدائنونتغيرت القسماتُ وأصبحتُ أعمىفلا تَعبثوا بالديارِوصرتُ حكيماً يؤرخُما شاهدته النوافذُ والولدُ المطمئنُومرتْ عليه ثلاثٌ وعشرون قاطرةحين سجنتُ عرفتُ الحقيقةِ فى شكلِهاوصاحبتُ حزنى وضعفى وصمتىالحياةُ تملكتُها بيدىّفصاحبتُ سجنى وصرتُ أعرفهالسقفُ لحظةُ كشفِوطاقةُ روح تفتَّحُهذا البَلاطُ سريرى وحاضنُ أضلعىالحوائطُ كَونىالذى ينبغى أن أجاوزه بالخيالِتمنيتُ خارج سجنىالقناديلُ تسطعُوالعثراتُ تقلُّالصبايا يغازلن صبيةَ أحيائِهنالنباتاتُ تنمو(تمنيتُ أن تتخلى بلادى عن الموتِأن تتبسمَ فى وجه أعدائها)أيها القسماتُ تغيرتُ فى الحلمِلا فى الحقيقيةِيوجعنى جانبى الأيمنُرأسى تفجرَ من قلةِ النومِوالقسوةُ العائليةُ لا تمنحُ الواحدَالوقتَ حتى يموتثلاث وعشرين قاطرة عشتُ فيهاونادمتُ أصحابَهاوأكلتُ طَعامَهمُوشربتُ سوائلهمثلاث وعشرين قاطرةغادرتْ للشمالِ وودعتُهاوسقطتُ بضربةِ فأسلأنتظرَ القاطراتِ الجديدةَها أنا ذا أتسلى بجمعِ الثمارِالتى تتساقطُ من شجرِ التوتِعند المحطةِمنذ ثلاث وعشرين قاطرةلم يمرْ سواها..