الأربعاء ١٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
بقلم مازن رفاعي

حب وحيد الاتجاه

من العدم انطلقت مشاعري صارخة تعلن عن ولادتها، نظرة فابتسامة فموعد فلقاء حديث ونظرة إلى عينيه كانت كافية لتجعل إيقونة السحر فيهما تبدأ مفعولها، ومن عينيه ابتدأت رحلة إلى عالم جديد، من قال أن الغربة هي غربة الجسد! إن الغربة هي غريه الروح والقلب، الغربة هي الحيرة والضياع والحياة المهجورة من الأحبة.

عيناه كانتا وطني الجديد ومملكتي القادمة، والزمن أصبح له مقياس آخر في حياتي فالثواني تحولت إلى ساعات بانتظار المساء موعد هجرة طيور الرغبة إلى سماء الاشتياق باحثة عن ملاذها تلك الطيور التي اعتادت على الإدمان، إدمانها على رحلتها اليومية إلى وطنها الجديد.

حبه انسكب قطرة قطرة في وعاء أيامي وكان لابد من أن يأتي اليوم الذي سيطفح الكأس، حينها سأرتكب جريمة الكلمة واعترف له بمشاعري وأنه قد تم تتويجه أميرا لقلبي. الكلمات باتت تنتظر دورها لتدب الحياة فيها وتهاجر مع مشاعري إلى ملكوته.

أحببته كالأرض العطشى التي تهب نفسها للمطر، وأردت امتلاكه كما تمتلك طفلة صغيرة اغلي ألعابها.
وفي اليوم الذي لا يجمعنا لقاء كنت أهرب إلى النوم أملا في أن التقي به في الأحلام. منتظرة يوم أجمع فيه حقائب الحب وأمضي لأسكن في مخيلته.
كبت مشاعري كان كالسكين الحادة تحولني إلى كتلة من اللحم المفروم، نظراته كلماته جاذبيته تصرفاته عصبيته كانت أمواجا تضرب مراكبي تدعوها إلى الغرق في بحوره.

في يوم ممطر تقدم لوالدي شاب يرغب في أن أكون أما لأولاده، فاسترجعت ذاكرتي المخدرة بالآمال والأحلام نشاطها وتهت في الوصول إلى الرد المناسب.
من هو ومن أنا بالنسبة له؟

أخبره بالقصة احد أصدقائنا المشتركين فلمعت عيناه ببريق غريب لم أعهده فيهما. لم أستطيع أن أترجم أحاسيسه ولم أفهم لغة بريق عينيه. وعلى الهاتف تجرأت وألقيت بخزائن عواطفي إليه، وعلى الطرف الآخر كان الصمت، الصمت القاتل الذي جعل مراكبي تهاجر في كل اتجاه، دقائق بدت كالدهر وأنا أتسائل هل أصل بعد هذا بعواطفي ومشاعري إلى شاطئ الأمان أم أن العواصف القادمة من جهته ستغرقها!

على الطرف الآخر أتى الرد باردا ومبهما وخاليا من الحياة، أجاب على تساؤلاتي بتساؤلات؟ ووضعني في حيرة أكبر وعذاب أقسى.

ودرات الأيام ومضى عام آخر من العذاب والحيرة الممزوجة بالألم والآمال والأمنيات، وأعلن عن ولادة عام جديد. اخترت واختار أن نبدأه معا في نفس المكان،
قمت بدعوته إلى الحفل وتقبل الدعوة بفرح ورغبة، الفرحة كانت بقدومه اكبر بكثير من الفرحة بقدوم العام الجديد، وفي تلك الليلة ضمت جسدينا غرفة واحدة نسينا فيها كل من حولنا وانطلقنا سويا في عالمنا الخاص كنا أشبه بعريس وعروسة في ليلة زفافهما.
وفي صباح ليلة الزفة أشهر مسدسه وصوب على قلبي كلماته وأطلق عياران نارية من الكلمات القاتلة.

أبلغ صديقنا المشترك أنه لا يفكر فيّ كزوجة. انه لا يرغب أن أكون جاريته وملك يمينه وحبيبته في يوم من الأيام. وطلقة الرحمة كانت حين قال: أنا لا يهمني إذا كانت تحبني فهذه مشكلتها؟!

في ذلك اليوم المشؤوم تمنيت لو أن أكون نسيا منسيا، تمنيت لو أني أعود إلى العدم فأسكن هناك،
دلفت إلى غرفة نومي، و اقتربت الوسادة صديقتي المخلصة التي اشكوها همومي من راسي بقوة وارتشفت الدموع التي ذرفتها وكتمت أصوات النحيب والأنين والقهر

تخيلته يقول لا أنت لست لي ولا حبك لي.
فكرت في كل الطرق وجميع الاتجاهات إلا أن أتخلى عن حبه وانسحب من حياته، فهذه ستكون حكم علي بالإعدام شنقا من قبل جلادي
وعدت الى التساؤل تقاذفني أمواج الحيرة:

هل هو جاد في كلماته؟ ولكن ماذا عن تصرفاته!

هل أحاسيسي خدعتني؟

هل يعتقد أن الرجل لا يمكن ان يعترف بالحب وماذا اذا عن المرأة؟

هل للحب لديه مسكنا وهل للعواطف ملاذا؟

هل خفق قلبه مرة بكلمة احبك ام هل له قلب أصلا؟

هل قلبه أعمى لا يرى وأصم لا يسمع واخرس لا يتكلم؟

أعرف وأعلم وأحس وأدرك أنه إنسان مليء بالمشاعر والأحاسيس والحب والرغبة.

فلماذا يريد ان يجعل قلبه من الحجر ويدرك أن هذا مستحيل.

ولماذا لايريد ان يعترف أن هناك قصص حب فاشلة واخرى ناجحة.

شموع الأيام تنطفئ واحدة تلو الأخرى ولانلبث أن نبقى في الظلام مخلفين ورائنا خطا طويلا من شموع الأيام المطفئة لنعمل سوية أن نحافظ على بعض الشموع متقدة لتنير الطريق لنا ولغيرنا في أيام الظلام.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى