الأربعاء ١٧ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم عمر حكمت الخولي

حذاء

علاقةٌ غريبةٌ هيَ الَّتي تربطُنا
ما كنتُ فيها عاشقاً، أو كنتِ فيها للهوى خليلةً
لكنَّني ملأتُ هذا البيتَ مِنْ غنائِكِ المقدَّسِ الَّذي أباحَ صبوتي
ومِنْ صلاتِكِ اللَّئيمةِ الَّتي تُضيعُني ابتغاءَ نشوتي!
علاقةٌ غريبةٌ ما مرَّ في التَّاريخِ مثلُها
ولَمْ تكنْ تليقُ بانتحارِ العطرِ أو تمزُّقِ الفؤادِ
أو حزنٍ يصوغُ دمعتي
"يُضحكُني أنَّكِ سوفَ ترجعينْ"!
كأنَّما القصائدُ الَّتي بكيتُها لكِ اختفتْ
كأنَّ غربتي الَّتي سكنتُها تساقطتْ على امتدادِ دفتري القديمِ
أو كأنَّ كلَّ أحزانِ الشُّعوبِ أُحرِقَتْ كما اختباريَ الحزينْ!
يُضحكُني أنَّكِ سوفَ ترجعينْ
كأنَّ قلبي لَمْ يزلْ يزاولُ الغرامَ، أو كأنَّني
ما زلتُ أنفخُ الهيامَ في صدورِ العاشقينْ!
وربِّكِ الأسمى أيا ذاتَ النُّجومِ السُّودِ في سمائِنا
ما عدتُ أمسكُ اليراعَ كي تُصاغَ الذِّكرياتُ كلُّها
مِنْ سلطةِ المنابرْ
مِنْ جوقةِ المقابرْ
ما عدتُ أقرعُ الطُّبولَ عندما في اللَّيلِ – غدراً – ترقصينْ!.
 
يا أمَّتي العوراءَ، يا مواطنَ الخنوعِ، يا ذكرى لِمَا ينتابُنا
في كلِّ يومٍ عندما يحتلُّنا جيشٌ جديدٌ
أو ننامُ في المساءْ!
يُضحكُني أنَّكِ سوفَ تُرجعينَ مجدَكِ الَّذي أضاعَهُ الَّذينَ أنفقوا سنيَّهمْ حتَّى يضيعْ
وأنَّكِ استبسلتِ في التَّاريخِ دهراً
ثُمَّ بتِّ مثلَ برعمِ الرَّبيعْ
وأنَّكِ اخترتِ الخلودَ بعدَ حينٍ
يومَ يسمو الكبرياءْ!
ما ذقتِ يوماً طعمَ ذاكَ الكبرياءْ
ما ذقتِ يوماً غيرَ نكهاتِ الدِّماءْ
مِنْ يومِ زارَنا المغولُ، ثُمَّ في معاركِ الفرنجِ
ثُمَّ آلُ عثمانَ الَّذينَ مزَّقونا إرباً
واليومَ باتَ رأسمالِكِ البكاءْ؟
ويلٌ لأمَّةٍ ترى أمجادَها على حذاءْ!.
 
يسألُني الطَّريقُ عنْ يومٍ مبينْ
عنِ انتفاضاتِ الشُّعوبِ في وجوهِ الطَّامعينْ
يسألُني عنْ أمَّةٍ تساقطتْ
ما عادَ يعرفُ الطَّريقَ نحوَها سوى جنودِ الحاقدينْ
يسألُني عنِ الَّذينَ أفرغوا جيوبَهمْ
وأضرموا صدورَهمْ
عنِ الَّذينَ ودَّعوا بناتِهمْ وقبَّلوا زوجاتِهمْ
ثُمَّ مضَوا إلى التُّرابِ عانقوهُ كي تمرَّ فوقَهمْ
قوافلٌ للعائدينْ!
يسألُني: "أَتُفتحُ الأبوابُ؟ هلْ ستعرفونَ دربَ بعثِ الثَّائرينْ؟"
ستُفتحُ الأبوابُ يوماً
عندما تزولُ أحزانُ العراةِ، يلبسونَ الخوذَ الثَّقيلةَ الَّتي تليقُ بالرُّبا
ويحملونَ حقلَهمْ كمدفعٍ عتادُهُ قمحٌ وتينْ!
ستُفتحُ الأبوابُ يوماً
عندما سينشدونَ ميتةً تشلُّ أعداءَ البلادِ في الوغى
وعندما سيبصقونَ خبزَهمْ
ويلعنونَ عطفَهمْ
ويحملونَ عزَّهمْ إلى مقابرِ السِّنينْ
ستُفتحُ الأبوابُ يوماً عندما
سيجعلونَ ذلكَ الحذاءَ بندقيَّةً تبوسُ رأسَ الغاصبينْ!.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى