حكاية جسد
قدمت فرقة "جسد لفنون الأداء" التي يديرها المخرج الأردني محمد بني هاني، على خشبة المسرح الدائري في المركز الثقافي الملكي في العاصمة الأردنية عمّان، مساء يوم الجمعة الماضي، عرضاً مسرحياً جديداً على مستوى الشكل والمضمون ولغة النص، تحت عنوان "حكاية جسد"، من إعداد وإخراج بني هاني، وأيضاً مشاركته في الأداء التمثيلي، بمشاركة عدد من الممثلين الأردنيين والعرب والأجانب، لاقى إقبالاً واسعاً وحضوراً متنوعاً ازدحمت به قاعة المسرح الدائري.
بدأ العرض في الثامنة مساءً، وبدأ الحضور المتنوع الجنسيات العربية والأجنبية، الدخول على دفعات متتالية إلى قاعة المسرح الدائري، ليفاجئ الجمهور بالشكل الغريب للعرض، أو مراحله المتصلة، ففي الباحة الرئيسية للمسرح بدأت العرض على شكل فيديو أرت يتم عرضه على شاشة تلفزيونية كبيرة محاطة بسنوغرافيا، عرضت فلماً قصيراً لفنان يقوم بتحطيم أثاث منزله لإشعال النار فيها، مع حضور صامت لبني هاني في وسط الصالة قرب الشاشة وسط تشكيلات الديكور.
وفي المرحلة الثانية من العرض المسرحي المتواصل، تم إدخال الجمهور في سراديب من النايلون المعتم والمنفوخ بالهواء، أفضت إلى ممرات قدم فيها بعض الممثلين لوحات بعضها متحركة وأخرى صامتة وثابتة، تنوعت ما بين التراجيديا والسريالية. وفي وسط هذه المرات أيضاً شاشات عرض تلفزيونية لطفلٍ ينادي، وفي نهاية الممرات أيضاً كان الطفل ذاته يجلس في داخل قفص مكبل اليدين وحوله قطار بخاري صغير يدور، بحيث يعبر الجمهور من فوقه، وصولاً على الصالة الرئيسية للمسرح الدائري، حيث احتشد الجمهور الذي دخل مجموعات وسط ظلام المسرح وإضاءات متقطعة لصور الممثلين التي انعكست على وجوه وأجساد الحضور.
وبعد انتظار دام عشر دقائق، فوجئ الجمهور بأنهم يقفون جميعاً فوق خشبة المسرح نفسها التي ستقدم عليها المسرحية كاملة، أو الجزء المتبقي منها، بعد إشعال الأضواء، وبعد جلوس الجميع على مقاعدهم بدأ العرض المسرحي الممتع، الذي تم تقديمه باللغات العربية، الإنجليزية، الألمانية، الإسبانية، بالإضافة إلى لغة الجسد، وبمشاركة عدد من الفنانين العرب والأجانب من بينهم:
جويس الراعي من الأردن، مريم حمود من لبنان، ماتيه مورال من إسبانيا، أنزلم إيبنبج من ألمنيا، وآخرون.
وأشار محمد بني هاني إلى أن هذا العرض المسرحي الجديد من حيث شكله ونوعه في الأردن، ينتمي للمسرح ما بعد الحداثي الذي ينتهج التجريب الواعي والمدرك لأدواته، بحيث ينتقل بين عدة أساليب ومجالات إبداعية كالفيديو آرت وفن التجهيز ومسرح الواقعة ضمن إطار حركي انفعالي بصري.
وأضاف بني هاني، أن هذا العرض يسعى لطرح موضوعة "الإنسانية" من خلال مقارنة النظرية بالتطبيق ضمن توليفة فلسفية بصرية تلامس حدود ومشيئة الإنسان الحديث والمعاصر تجاه وجوده.
والعرض الذي جاء بدعم جزئي من أمانة عمّان الكبرى ووزارة الثقافة الأردنية، استند إلى توليفة من عدة نصوص عربية وعالمية مثل نص "نهاية العالم ليس إلا" للكاتب الفرنسي جان لوك لاغارس، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونص "سأسميه هو" أيضاً لمحمد بني هاني، في حين أعد له الفيديو آت المخرج عايد نبعة، وسينوغرافيا الفرنسي جوهانا بيلين، بالإضافة إلى مساعدي المخرج من الأردن "بان مجالي" و"روني سكوتلين" من هولندا.
وقد بدأت عروض المسرحية في الثلاثين من شهر تموز الماضي بعرض أول على خشبة مسرح الدراما في جامعة اليرموك بمدينة إربد الأردنية، تلاها هذا العرض الثاني في عمّان، في حين ستستكمل بقية العروض من السادس عشر وحتى العشرين من شهر آب الحالي على خشبة مسرح المركز الوطني للثقافة والفنون الأدائية في منطقة عرجان في العاصمة الأردنية، في السابعة مساءً من كل يوم من أيام العروض.
