الأربعاء ٢٦ شباط (فبراير) ٢٠٢٠
قصة قصيرة للأطفال
بقلم حياة محمود

حُسام والحَشَرة المُضيئة

يُحكى أن صَبياً صغيراً يُدعى حُسَام كان يقضي عطلته الصيفية في منزل جده، وكان منزلُ جَدهِ كبيراً و واسعاً، و بجانب المنزل حديقة جميلة تأخذ الأنظار مليئة بالأشجار و الورود، اعتاد حسام على الركض و القفز في هذه الحديقة كل يوم، و ذات مساء بينما اقترب حلول الليل، و كان على حسام مغادرة الحديقة و العودة للمنزل، لاحظ حسام وجُود حَشرة مضيئة على كتفه، لم يخف منها و بادر للمسِها لكنها سُرعان ما طَارت و اختفت.

عاد حُسام للمنزل غارقاً في أحلام اليقظة و يَسأل نَفسَه و يُفكر هل كانت هذه قوة خارقة؟، هل أنا قَوي الآن مثل الأبطال؟، هل استطيع إنقاذ العالم من الأشرار؟، ولا سيما أنَّ حُسام كان مُولَعاً بقصصِ الأبطالِ الخَارقين، وكان يُشاهدها في التلفاز بشكل متكرر.

ظَن حُسام أنه اِكتسب قوة خارقة بسبب هذه الحشرة المُضيئة، و راح يَقفز و يَصرخ في المنزل و يقول: أنا بَطل، أنا خَارق .تَعجَبت جَميعُ العائلة من حَالهِ، و لكنهم ظَنوا أنه يَلعب و يَلهو؛ فلم يَهتم أحد مِنهم إلا جَده فنادى عَليه بصوتٍ مرتفع وقال: حُسام يا صغيري تعال إلى هنا بسرعة، ركض حسام نحو جده مسرعاً دون تردد؛ لأن حسام كان ولداً مُطيعَاً يَسمعُ كلام مَن هُم أكبر منه سِناً، مَدَّ الجَدُ يَدهُ لحفيده وقال له : هيَّا صَافحنى لأرى قُوتَك الخَارقة، وضع حسام يده بيدِ جدهِ ،فَشد الجدُ قبضتَه قليلاً، وراح حسام يصرخ و يقول: اُترُك يدي يا جدي إنك تُؤلِمُني، صَار الجدُ يضحك بصوت مرتفع و يقول: أين ذهبت قوتك الخارقة يا حسام؟، اِحمرَ وجه حسام و بدأ يشعر بالغضب و الخَجل معاً و قال لِجدهِ: ِاسمعني يا جدي، ِ البارحة كانت هناك قوة خارقة مضيئة على كتفي صدقني يا جدي انا اِكتَسبتُ قوة خارقة كما يحدث مع الأبطال، تَبسَم الجدُ و قال : يا صغيري ما تشاهِدُه على التلفاز ليس سوى خيال لا يوجد بطل خارق يَطير ولا رجل عنكبوت ولا غيره ،إنها مُجرد حكايات وهمية تماماً مثل قصة الدجاجة التي تَبيض بيضة ذهبية هل تَذكُرها ؟، حسام :نعم، الجد: حسناً متى رأيت بيضة ذهبية في مَنزلِنا؟، حسام يضحك لكلام جده ويقول:لا يوجد بيض ذهبي يا جدي هذا غير ممكن، رفع الجد حفيده إلى حضنه وقال له: وكيف يكون هناك رجل يطير إذاً يا صغيري؟، القصص تبقى قصص، حسام:حسناً يا جدي وما هو ذلك الضُوء الذي كان على كتَِفي؟ الجَد مُبتسماً:لا بُد أنها يراعة مضيئة، حسام يقفز من حضن جده ويسأله: و ما هذه اليراعة المضيئة يا جدي؟، الجد: إنها حشرة تنتمي لأسرة الخنافس، حسام مندهشاً: و كيف تُخرج الحَشرة هذا الضوء يا جَدي، هل هي حشرة تمتلك قوة خارقة؟، الجد مُبتسماً:باستخدام مواد كميائية داخل جسدها يا صغيري هذه علوم ستتعلمها عندما تَكبُر، هذه الحشرة ليست خارقة ،فمن خَلقنا وخَلقها وخَلق هذا الكون كُله هو صاحب القدرة الكبيرة، لا أحد يملك القوة الخارقة و الإعجاز سوى الله الذي خلق كل شيء .حسام يجلس و يفكر بتمعن ثم يقول: حسناً يا جدي إذاً الله هو الخارق الوحيد، الجد مبتسماً من قول حسام: الله هو العظيم القادر على كل شيء يا حسام؛ فحين ترى اليراعة المضيئة مجدداً عليك أن تقول: سبحان الله العظيم.

فَهِمَ حُسام أنَّ الأبطالَ الخارقون مُجرد حِكايات وَهمية ، و تَعرف على اليراعة المُضيئة التى لامست كَتفه لتُضيء له نُورَ الحقيقة في عَقلِه و فِكره،فَأصبحَ بَعدها ينتظر صَديقته اليراعة المضيئة كل مساء لتظهر له و تضيء له شيء جديد في حياته.

مَضَت الأيام و كَبِرَ حُسام وصَار طَبيباً مجتهداً، ويُحب عَمله كثيراً، لَكنه لم ينسى أبداً حكايته مع اليراعة المضيئة، ما زالت صَديقة طُفولته، ما زال يَنتظرها كُل مَساء في لَيالي الصَيف الحَارة، ما زَالت تلك اليراعة تُضيء له ذكرى جده العَزيزالغالي، وكلما رأى حسام يَراعة يُضيء قَلبه،ويبتسم وجهه، و يقول: سبحان الله العظيم.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى