الأربعاء ١٦ نيسان (أبريل) ٢٠٠٨
بقلم جمال عبدالرحيم

دورة الأجيال

منذ الطفولة أذكره..
أبي وقهوته، وعبق سجائره، وسعاله الخفيف.
ورثت كل ذلك عنه، حتى تجاعيد وجهه هي الآن في نفسي ووجداني.
أخذت عنه كل شيء وتميزت عنه بالتمرد والثورة والعصيان.
منحني اللجوء وأردت هوية وجواز سفر بدخان بندقية..
غريب أمر الزمان..
كيف تحولنا من ضحية إلى قضية. تحكى عنا الحكايا كأننا عنقاء تحترق بنار فتبعث من رماد. وكأننا لسنا بشرامن لحم ودم نتشوق إلى مشاكل البشر اليومية.
فيقتل منا الشباب قبل أن يبحر في عيني صبية..
وندفن الأطفال بعد أن تلذذت بأجسادهم الطرية شظايا آخر الإبتكارات العصرية.
فيا لحظ أطفالنا لم يعرفوا من ألعاب الحضارة إلا الرعب والموت والصواريخ الذكية!!
ولم يتغير شيء بعد أن تعاقب الليل والنهار ثلاثين عاما..
ففي أزقة مخيم آخر، ينشأ طفل آخر تملأ أنفه رائحة قهوة أبيه ودخان سجائره، ورائحة الموت مع فارق بسيط أنه لم يقرأ عن جيفارا ولومومبا. ولكنه تتلى عليه يوميا مزامير جديدة عن قدسية حقوق الإنسان والديموقراطية وحقوق الشعوب في الحرية !!
فعندما يروق له غدا أن يتمرد فلن يتهموه بالثورة والشيوعية ولكن بأنه عدوللحرية والإنسانية!
وعندما يتلذذ الجلادون بتعذيبه فسيصيحون بوجهه أنه أصولي ولوكان جبهويا يساريا..
ولوأنه عاش ليفنى شبابه ويكتوي خلف أسوار معتقل فلن ينعم بالشمس اعواما كئيبة ويداه ملوثة بدمء "زكية"..
أذكر أبي ويذكر أباه ..
وليت هذه هي زبدة القضية..
ي نقاط وحروف..
تبعثرت النقاط والحروف مطوية..
نصف شعب ولد في الإحتلال.. ونصف لاجئ في سجلات الأمم يحلم ببطاقة هوية..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى