الثلاثاء ٢٤ آذار (مارس) ٢٠٠٩
المنفردة
بقلم حسن سلمان

رامز الأسود يستعين بالسجن ليعبّر عن انكسار الشباب

في عملهما المسرحي الجديد (المنفردة) يقدم الثنائي رامز الأسود ونوار بلبل نموذجا إنسانيا فريدا عبر شخصيتين متناقضتين هما السجان (مهنا) والسجين (أبو نضال) الذين تجمعهما الصدفة في مكان واحد.

يبدأ العرض بصراخ السجين الذي يرفض التوقيع على صك تنازله عن مبادئه رغم إمعان السجان بتعذيبه، لكن المشهد لا يلبث أن يتغير لاحقا، حيث يجلس السجين مع سجانه كصديقين ويتشاركان شرب الشاي والتدخين والحديث عن الأحلامه، حيث يحلم السجين بالخروج لرؤية أطفاله، في حين يتلهف السجان ليحصل على شهادة الكفاءة ليفخر بها أمام ابنه الذي سيأتي بعد أشهر.

غير أن مخرج العرض رامز الأسود يعود مجددا لترتيب أوراقه ليضع المشاهد في حيرة، حيث نرى السجين "أبو نضال" الذي تبنى تدريس السجان "مهنا" لينال الكفاءة ينهره بقسوة لتقصيره في واجباته، ليبدو الأمر وكأنه تبادل أدوار بين الشخصيتين.

لكن لحظة المكاشفة لا تلبث أن تأتي في النهاية، حين يعرّي المخرج شخصياته من ثيابها ويجعلها متقابلة، ليؤكد انتصار اللحظة الإنسانية على جميع التناقضات الأخرى التي تحكم حياتنا كبشر.

ويقول مخرج العمل إن فكرته الأساسية انطلقت من المكان (السجن) (الذي يبدو غريبا ومظلما ويحمل جميع التناقضات وليس متاحا للناس أن تراه، وهو بالرغم من قسوته مثير ويحمل جانبا تشويقيا من باب أن الممنوع مرغوب.)

ويؤكد الأسود أن العرض يتحدث عن الانكسار بوصفه السمة الرئيسية للشباب المليء بالطموح والمصدوم بالواقع الاقتصادي السيئ، مشيرا إلى أن فكرة السجن تشكل معادلا جيدا لهذا الانكسار.

ويضيف: "البعض خمّن من عنوان العرض (المنفردة) أنه يتحدث عن عذابات السجون والعلاقة الجدلية بين الجلاد والسجين، ولكني أعتقد أن هذا الطرح ينتمي للسبعينات، وليس ثمة مجال لتكراره، أنت تخاطب جمهور القرن الحادي والعشرين المعقّد الذي يطلّع على آلاف الأحداث يوميا وفي حياته آلاف المشاكل، ويجب أن تخاطبه بنفس مستوى التعقيد لكن بوجهه الإيجابي."

ويشير الأسود إلى أن التقشف بالديكور عائد لكون توجه الفرقة بالدرجة الأولى هو نحو التجريب الأدائي، وخاصة على صعيد الممثل الذي يجب أن يبقى على تماس مباشر مع الجمهور.
ويضيف: (أرى أن الممثل هو أساس المسرح وبالتالي كل ما يتعلق بالتقنيات الأخرى بما يخص تجربتنا كـ"فرقة الخريف" من إضاءة وصوت وخشبة وسينوغرافيا يجب أن تخدم الممثل ودرامية العرض.)

ويرى الأسود أن مهمة المسرح تكمن في طرح الأسئلة وليس إعطاء الأجوبة، مشيرا إلى أنه ((في المسرح ما تستطيع أن تبنيه في خيال المشاهد هو أهم بكثير مما تستطيع أن تقدمه على خشبة المسرح، لأنك مهما حاولت أن توظف تقنيات جديدة في المسرح (على صعيد الديكور والسينوغرافيا) فإنك لن تستطيع منافسة التلفزيون والسينما نتيجة التطور التقني الحديث الذي أصابته هاتين الوسيلتين.))

وحول فرقة الخريف التي أسسها الأسود مع بلبل يقول: "الفرقة تأسست بشكل رسمي مع بدايات 2006 بعرض "حلم ليلة عيد"، وقد استطعنا خلال الأعوام الثلاثة الماضية المشاركة بأكثر من 14 مهرجان مسرحي عالمي عبر عرضي "حلم ليلة عيد" و"المنفردة"، نلنا عددا من الجوائز كان آخرها جائزة أفضل عرض مسرحي وأفضل ممثل في مهرجان ليفربول الدولي بكندا."

ويؤكد الأسود أن الفرقة تحمل مشروع "فكري أدائي، ونحاول تجريب أساليب الأداء لإيجاد صيغة تناسب نوع النص الذي نتطرق له"، مشيرا إلى التجربة تقتصر لحد الآن على الثنائيات لأن النص كان يتطلب ذلك، و"في حال وجود نص يتطرق لعدة شخصيات ممكن أن ينتج من قبل الفرقة."

ويضيف: "نريد تأسيس فرقة حقيقية لها أرضية ثابتة وأساس قوي، لأني عندما أريد تقديم عروض لعدة ممثلين، أستطيع كفرقة السيطرة عليها إنتاجيا وتسويقيا، وعندما تتحدث عن فرقة مستقلة أي أنها تدخل ضمن عالم الاحتراف، وفي هذا العالم هناك ما يخص التسويق، فلكي تستمر فرقتي يجب أن تكسب دخل، ونحن نمتنع عن المشاركة في مهرجانات الهواة إلا بمبالغ مالية."


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى