الأحد ١٥ حزيران (يونيو) ٢٠٢٥
بقلم مريم سلامة

سبات الضمائر

كنت استمتع بالسباحة في البحر صحبة مجموعة من الاصدقاء، فالطقس جميل والبحر هادئ، والامواج اللطيفة تداعب جسدي برفق كأنها النسيم العليل. وفجأة بلغ إلى مسمعي صوت غريب لم اتعود على سماعه. فهو ليس بصوت انفجار وليس بصوت مدافع ورشاشات وليس بصوت زوابع رعدية، وإنما هو مزيج من كل هذه الذبذبات الصوتية فهو ضجيع غير مألوف أثار الرعب والفزع في أفئدة كل الحاضرين. فغادرنا الشاطئ مسرعين هربا إلى بيوتنا، وفي طريقي إلى البيت تفاجأت بالدمار الحاصل للبناءات المتواجدة على طول الطريق فقد تهدمت كليا وسويت مع الأرض. فما الذي حدث؟ وماذا أصابها حتى دمرت بالكامل؟ اهو الزلزال ام ماذا؟ واصلت طريقي وسط ضوضاء وضجيج لم اتبين جيدا اهو صوت صياح وطلب النجدة او هو صوت انهيارات البناءات وسقوطها. حتى ظهر لي شبح مخلوقات غريبة شبيهة برجال القضاء يرتدون بدلات تنبعث منها إشعاعات ضوئية غربية ويحملون اسلحة أتوماتكية متطورة جدًا. فما إن يوجهون سلاحهم نحو شي ما حتى يقع تدميره بالكامل في لمح البصر. فان وجه أحدهم سلاحه تحو بناية ضخمة شاهقة ذات عدة طوابق حتى تخر وتسقط ارضا وكأنها لم تكن كتلك القصور الرملية التي يشيدها الاطفال على شاطئ البحر، ثم رايتهم يوجهون اسلحتهم صوب اشخاص من البشر فيحترقون بالكامل فيبدو ان اسلحتهم تنبعث منها حزمة من الضوء والاشعاعات والذبذبات التي ما ان تسلط على جسد أحد البشر حتى ترتفع حرارته ثم تشتعل فيه النيران ويصيبه الاحتراق. إنه لمشهد يدمي القلوب حيث لا ترى غير الجثث المتفحمة والاجساد المشتعلة وتشتم رائحة الموت في كل مكان. انها محرقة جماعية تنتهك بكل وحشية حقوق الإنسان وانسانيته. فيبدوا انهم سكان كوكب آخر قدموا للاحتلال كوكينا والاستيطان به والعيش على سطحه بعد أن يتمكنوا من القضاء على الجنس البشرى وإبادته بالكامل لقد فكرت في الفرار والهرب والاحتماء بالبحر ومائه حتى ا تجذب الاحتراق بأسلحتهم، ولكني تراجعت لاحقا فليس من طبيعي الهروب والاستسلام وخاصة إن الامر يتعلق بالوطن فليس بإمكاني غير المقاومة والجهاد والتضحية فليس من الهين التفريط في كوكبنا وامنا الأرض فهو وطننا العزيز الذى يأوينا ويحتضنا ويحتوينا - ولا يمكن التخلي عنه مهما كان الثمن باهضا ومهما كانت التضحية جسيمة عليه فروحي فداء له. ومن واجب سكان الأرض طرد هذه الكائنات الغريبة الظالمة واسترجاع كوكبنا فنحن اولى به ولن نتخلى عن أي شبر من ترابه وهو عزيز على قلوبنا ولا نقبل بالظلم والقهر، سأواجه اسلحتهم بكل شجاعة وسأصمد وادافع عن وطني حتى بالحجارة فلا ارغب إلا بالنصر او الاستشهاد فهو أفضل من العيش تحت ظل المستعمر الظالم المستبد.

كنت مذهولا وفي حيرة من أمري تتزاحم الافكار و الآراء والمواقف داخل جمجمتي ، إلى أن هاجمني أحد تلك الكائنات الغريبة بسلاحه الفتاك مما جعل حرارة جسمي ترتفع شيئا فشيئا وأحسست بلهيب يسري داخل بدني واصيح جسدي كانه البركان الذي اشتد غيلانه ثم اشتعلت النيران في كُلِّ أَعضائي وأخدت في الاحتراق وانا اصبح واستغيث إلى ان استفقت من النوم واكتشفت اني كنت ضحية كابوس نوم مفزع وان الشريط المرعب الذي مر امام اعیني هو من نسج خيالي ولا صلة له بالواقع ولكنه واقع معاش وحياة يومية لبعض الشعوب التي افتكت منها اوطانها بالقوة واغتصبت منها اراضيها واخرجت من ديارها تحت تأثير أصوات المدافع وتفجيرات القنابل وقصف الطائرات والصواريخ واستهداف المدنيين العزل من أطفال ونساء في حملة إبادة جماعية وحشية لا تعترف بحقوق الانسان ولا بالقوانين الكونية . فقد تهياً لها أن العالم غابة يسودها قانون القوة والاستبداد والسيطرة يصول ويجول فيها الأسود دون حسيب ولا رقيب يحميهم قانون الغاب. لماذا كل هذه الوحشية والقسوة والظلم والقهر التي تسلط من طرف الأقوياء على الضعفاء. ما أحوج الانسان إلى العدل والمساواة حتى يعيش في امان وسلام دون حروب ولا صراعات ولا كوارث طبيعية. فلنحافظ على سلامة محيط كوكينا وبيئته ومناخه وتوازنه فهو امانة بين أيدينا وحسن التصرف في ثرواته فبقاءنا من بقائه وهلاكنا هلاكه فهو وطن لكل البشر جميعا للعيش فيه دون حروب ولا ظلم ولا واستبداد بن ولا وحشية ولا اقتتال فهو يتسع لكل البشر وللمخلوقات جميعا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى