

صوتُ القبيلة
وَجْهُ القَصِيدَةِ عَابِسٌ،
وَالْكَذِبُ قَدْ مَلَأَ الصُّحُونَ.
مَتَى تَكُونُ القَصِيدَةُ صَوْتَكُمْ؟
تَأْبَى التَّجَمُّلَ،
تَأْبَى القَصِيدَةُ أَنْ تَخُونَ،
تَأْبَى المَهَانَةَ وَالسُّكُونَ،
تَأْبَى التَّخَاذُلَ وَالرُّكُونَ.
كَيْفَ تُزَوِّرِينَ الأَخْبَارَ، يَا عَيْنِي؟
وَكَيْفَ أَرَاهَا أَمْطَارًا
تُغِيثُ الأَرْضَ الحَزِينَةَ الجَدْبَاءَ؟
وَالأَرْضُ مُحْتَرِقَةٌ، وَالمَاءُ أَبْخِرَةٌ،
كَيْفَ أَرَاهُ سَلَامًا يُهَلِّلُ فِي مُخَيِّلَتِي،
يُسَافِرُ فِي شَرَايِينِي،
يَجُوبُ المَدَائِنَ،
يُظِلُّ المَيَادِينَ؟
كَيْفَ أُسَطِّرُ ضَحِكَاتٍ فِي وَرَقِي؟
وَكَيْفَ أَرْسُمُ لِلْعُشَّاقِ شِفَاهًا وَعُيُونًا؟
وَكَيْفَ أُضَفِّرُ خُصَلَاتِ الشَّعْرِ لِفَتَاةٍ
قُتِلَتْ فِي بَيْتِ حَانُونَ؟
وَلَا أَرَى الدَّمَ فِي الكُرَّاسِ، وَفِي المِرْآةِ،
وَالأَكُفَّ المُبَعْثَرَةَ فِي الطُّرُقَاتِ،
وَعَنَاقِيدَ المَوْتِ تَهْتِفُ فِي المَمَرَّاتِ،
تَقْتُلُ فِي قُلُوبِ العَذَارَى كُلَّ الحِكَايَاتِ!
كَيْفَ أَرَاكَ تَسِيرُ،
وَأَنْتَ عَلَى العُكَّازِ مُنْكفِئٌ كَسِيرٌ؟
مُقَيَّدٌ، مُكَمَّمٌ حَتَّى عَنِ التَّعْبِيرِ،
وَأَيُّ فَرْحَةٍ سَوْفَ أَرْسُمُهَا لِجَسَدٍ كَبِيرٍ
يُشْبَعُ لَطْمًا؟
وَأَيُّ فَرْحَةٍ حِينَ تُظْهِرُهَا،
بِلَا مَعْنًى، بِلَا تَفْسِيرٍ؟
أَيُّ فَرْحَةٍ حِينَ تَطْلُبُ التَّوْقِيرَ،
وَتَسْتَجْدِي مِنْ عَدُوِّكَ التَّغْيِيرَ؟
أَيُّ فَرْحَةٍ لِمُوَّالِ البُكَاءِ الطَّوِيلِ؟
أَيُّ فَرْحَةٍ سَأَكْتُبُهَا
كَيْ تَرْقُصَ حَوْلَهَا فِي السَّمَا وَتَطِيرَ؟
كَيْفَ أُغَنِّي لِأَلْفِ قَتِيلٍ،
وَأَلْفِ قَتِيلٍ وَأَلْفِ قَتِيلٍ؟
أُغَنِّي بِلَا دَمْعٍ، أُغَنِّي بِلَا تَعْلِيلٍ،
أُغَنِّي بِلَا صَخَبٍ، أُغَنِّي بِلَا تَهْلِيلٍ.
إِلَى مَتَى نُحَارِبُ الطَّيْفَ؟
إِلَى مَتَى تَبِيعُ بِهِمَّتِي الوَهْمَ وَالزَّيْفَ؟
إِلَى مَتَى نُخَبِّئُ السَّيْفَ؟
إِلَى مَتَى نُكْرِمُ عَدُوَّنَا القَاتِلَ وَنَقُولُ: ضَيْفٌ؟
وَكَيْفَ تَحْلُو مَرَارَةُ فَمِي،
وَجُذُورُ الصَّبَّارِ لَا تُغَادِرُ حَلْقِي؟
وَتَسِيرُ العُصَارَةُ فِي دَمِي،
تَسْقِي الجُنَاةَ نَخْبَ عَدَاوَتِي،
وَتَسْقِينِي كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَلْقَمٍ؟
سَتَصْدَأُ البَنَادِقُ فِي مَخَازِنِ القَبِيلَةِ،
لَا تُعَطِّلُوا بَصْلَتَهَا،
تَضَعُونَ فُوَّهَةَ البَنَادِقِ فِي فَمِي،
أَنَا صَوْتُ القَبِيلَةِ،
أَنَا لَحْنُ القَبِيلَةِ،
أَنَا سَيْفُ القَبِيلَةِ،
أَحْمِي القَبِيلَةَ،
وَبِالقَبِيلَةِ أَحْتَمِي.