السبت ٢٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٧

عمر الشريف في حنان وحنين

محمد قناوي - عن الشرق الأوسط

هو ذلك المواطن الإسكندراني المنشأ والنزعة الذي جاء الحياة باسم ميشيل شلهوب، وعرفه العالم باسم عمر الشريف. لا يتوقف أبدا عن مفاجأتك بأحاديثه التي غالبا ما تثير الجدل حولها. ولا مظهره المتأنق وابتسامته الساحرة ووجهه المحتفظ بوسامته رغم مرور السنين عليه. هو الفتى الوسيم في سينما الخمسينات المصرية، وهو احد نجوم السينما العالمية التي دخلها من بابها الواسع عبر رائعة ديفيد لين «لورانس العرب» وبعدها «دكتور زيفاجو» الذي عاد إلى مصر، وبدأ يوم السبت الماضي تصوير أولى مشاهد مسلسله «حنان وحنين» على شاطئ ستانلي بالاسكندرية، مدينته التي يعشقها رغم رحيله عنها منذ ما يزيد عن نصف قرن. المسلسل من تأليف وإخراج إيناس بكر، وهي مديرة أعمال عمر الشريف في مصر منذ أكثر من 25 عاما، وكانت السبب في إقناعه بخوض تجربة الفيديو. وبعد دوران الكاميرا لتصوير المشهد الأول مع لحظات الغروب، التقت «الشرق الأوسط» في القاهرة الفنان العالمي عمر الشريف في حوار جمع بين ذكريات الماضي ومشروعات المستقبل.

 لماذا وقع الاختيار على الاسكندرية لتصوير المشاهد الأولى في المسلسل؟

 لم أتعمد ذلك فأحداث العمل تدور في الاسكندرية. كما أنني لا أنكر عشقي لتلك المدينة التي عشت فيها أجمل سنوات عمري. حتى أنني كنت أحرص على مدى السنوات الماضية أثناء زياراتي المتكررة لمصر إلى المجيء إلى الاسكندرية وقضاء بعض الوقت فيها. وعندما حضرت إلى هنا منذ ايام قليلة استعدادا لتصوير المسلسل قررت ان أمشي على كورنيش البحر لعشقي لرياضة المشي، وقد نصحني البعض بعدم فعل ذلك حتى لا أتعرض لالتفاف الناس حولي ومضايقات البعض منهم؛ فرفضت النصيحة لأنني أعرف هذا الشعب جيدا، والذي ربما يفرح لوجودي معه ولكنه لن يضايقني أبدا، وهو ما حدث بالفعل. فعندما بدأت السير كانت الناس تصافحني وترحب بي وتتركني أمضي إلى حال سبيلي دون اي مضايقات. وأعترف أنني على مدى عمري كنت أحب الشعب المصري أكثر من حبي لمصر. فالناس هم الأصل في عظمة هذا البلد.


 كيف جاءت فكرة تقديمك لمسلسل في مصر؟

 الفكرة موجودة منذ زمن ولكن السبب في دخولها إلى حيز التنفيذ هو صديقي الفنان أحمد رمزي، الذي أعتبره صديقي الوفي في تلك الحياة منذ ربطتنا علاقة صداقة قديمة حين كنا أطفالا صغارا. وكنت سببا في دخوله مجال التمثيل، عندما اخترته ليعمل معي في فيلم »أيامنا الحلوة«، وعلى مدى سنوات عمرنا وبالرغم من تباعد المسافات بيننا لم تنقطع علاقتنا. ومنذ فترة فوجئت به يخبرني بوجود عمل درامي تلفزيوني يصلح لأن نقدمه معا، وقرأنا خمس حلقات منه، لكن لم يعجبني المسلسل فرفضته، في هذه الفترة كانت إيناس بكر قد اقترحت عليّ فكرة مسلسل «حنان وحنين» فأخبرت أحمد رمزي بها فوافق، وبدأت في كتابة السيناريو بداية من أكتوبر 2005 وحتى اليوم.

 لماذا اخترت هذا التوقيت بالذات لتقديم هذا العمل الدرامي؟

 ليس هناك سبب محدد في اختيار التوقيت، ولكن أحسست برغبة شديدة في التواصل مع الشعب المصري من خلال عمل تلفزيوني أهديه اليه. فكلما حضرت في زيارة لمصر وعند لقائي بالناس في الشوارع والاماكن العامة يسألونني عن أسباب عدم تقديمي عملا للتلفزيون المصري، مؤكدين اشتياقهم لرؤيتي في عمل درامي. وقد تأثرت بتلك المشاعر التي منحتني النجومية في بداياتي الأولى، فاتخذت القرار بالموافقة على بطولة عمل تلفزيوني وهو ما تصادف حدوثه مع عرض ايناس لسيناريو «حنين وحنان» عليّ أنا ورمزي فوافقنا. والحقيقة أنني كعاشق للتجريب والجديد دائما، تمنيت تقديم عمل للشاشة الصغيرة، حيث ان تاريخي الفني كله كان مقتصرا على السينما فقط، وقد حلمت أن أترك لأحفادي وجمهوري المصري والعربي هذا المسلسل التلفزيوني.

 كيف ترى تلك التجربة وبخاصة ان البعض يراها تجسيدا لسيرتك الذاتية؟

 لو أردت تجسيد سيرتي الذاتية لاختلف الوضع، ولكن المسلسل يعكس حالة خاصة من عشق مواطن لبلده التي تركها منذ ما يزيد عن الربع قرن. وقد كان يحمل في البداية اسم «استالوجنا» وهو مرض معروف في الطب النفسي ترجمته هي «الحنين للوطن» ولكن نظرا لصعوبة الاسم الاول تم تغييره الى «حنان وحنين». وحنان في المسلسل هي الحبيبة الأولى التي تزوجت وسافرت للإمارات، مما يدفع بالبطل إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة، ليظل حنينه اليها ولمصر قائما رغم مرور كل تلك السنوات، إلى الحد الذي يقوم فيه بتأسيس غرفة في منزله بالولايات المتحدة يكتب عليها من الخارج اسم مصر، إذ يحرص على الاستماع فيها لأغاني أم كلثوم وقراءة أشعار صلاح جاهين وغيرها من الأمور التي تبقيه على صلة وثيقة بمصر وذكرياته فيها.

 هل شاركت في اختيار أبطال المسلسل؟

ـ معرفتي بنجوم الفن في مصر ضعيفة نظرا لإقامتي في الخارج، فأنا متابع غير جيد للدراما المصرية، ولهذا استعنت بالسيدة فاتن حمامة في اختيار المشاركين لي في المسلسل، فأنا أثق برأيها وخبرتها الفنية. والوحيد الذي لم أسألها عنه هو صديقي الفنان احمد رمزي.

 بعض أحداث المسلسل تدور في أميركا. فهل سيشارك به ممثلون أجانب؟

 سيحدث هذا ولكن في أضيق الحدود وفي المشاهد التي يتطلب تصويرها في الولايات المتحدة الأميركية، الا اننا لم نرشح أحدا بعد.

 لماذا وقع اختيارك على المؤلفة إيناس بكر لإخراج المسلسل؟

 أعرف إيناس منذ سنوات طويلة، عندما شاركت في كتابة السيناريو والحوار لأعمالي الاخيرة التي قدمتها في مصر، بدءا من «أيوب» و«الاراجوز» و«المواطن مصري»، وهي التي كانت تقوم بتحفيظي الحوار قبل بدء التصوير؛ وفي نفس الوقت هي أديبة وروائية معروفة وخريجة معهد سينما، كل هذه الاسباب جعلتني أختارها لكتابة وإخراج سيناريو أول مسلسل تلفزيوني في حياتي.

 تردد أخيرا أنك أعلنت أن أموال الفن حرام.. ما صحة ذلك؟

 لم أقل هذا الكلام بهذا السياق. كل ما قلته ان الأموال التي يتقاضاها الفنان لا تتناسب مع حجم المجهود البسيط الذي يبذله أمام الكاميرا، الا أن الصحافيين فرغوا الكلام من محتواه وتم كتابة عنوان على لساني يقول ما تردد على لساني من أن فلوس الفن حرام.

 عمر الشريف نموذج للفنان العربي الذي حقق العالمية عن جداره.. ولكن بعد كل هذه السنوات ما هي المشاكل التي تواجه الفنان العربي لينطلق نحو العالمية؟

 الافلام الأجنبية بشكل عام تكتب لممثلين أجانب يعبرون عن نفس جنسية الفيلم، لذلك فأول صعوبة تواجه أي ممثل عربي في أولى خطواته في السينما العالمية هو العثور على دور مكتوب له بمواصفاته الخاصة كممثل أجنبي في هذه الافلام. وبالنسبة لي وكممثل مصري واجهتني صعوبة اللهجة الأميركية رغم أنني أتحدث الانجليزية بطلاقة، كذلك الفرنسية والايطالية لا أتحدثها مثل أهلها. لذلك فالأدوار التي قدمتها ليست كالأدوار التي يقدمها الممثلون اصحاب اللهجات الأصلية للغات المختلفة، واعتقد ان هذه صعوبة كبيرة واجهتني في مشواري الفني. لذلك كانوا في بدايتي هناك يطلبونني لتجسيد شخصيات روسية لأن وقتها لم يكن أحد يعرف كيف يتحدث الروس.

 كفنان ذو خبرة في السينما العالمية، ما الذي يعوق وصول السينما المصرية للعالمية؟

 العالمية تنبع من المحلية الشديدة، فالافلام الأميركية والانجليزية والايطالية والفرنسية تصل للعالم من خلال موضوعات شديدة المحلية، فالافلام التي تغزو العالم لا يتم كتابتها على أنها أفلام عالمية، بل تقدم موضوعات تعبر عن المجتمع الذي تصور فيه، ولكن يتم تزويدها بعناصر إبهار وجودة في الأداء والصوت والصورة، ويتم الإنفاق عليها جيدا وبالتالي تخرج بالصورة التي نشاهدها عليها، ويتم توزيعها وعرضها على مستوى العالم وهو ما نفتقده في أفلامنا.

 ماذا تعني فكرة التسامح بالنسبة لك؟

 تعني ما علمته لابنائي وأحفادي منذ نعومة أظفارهم، عندما طلبت منهم أن يحبوا الناس جميعا وألا يكرهوا شخصا لكونه ابيض او أسود أو لكونه مسلما أو مسيحيا أو يهوديا. وقلت لهم إن من حقهم كراهية الاشرار فقط.

محمد قناوي - عن الشرق الأوسط

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى