عندما يتوقف المطر.....
عندما التقيتك أول مرة في ذاك اليوم الربيعي الهادئ على الجانب الآخر من المنعطف المقابل للمدينة على ناصية الرصيف الورقي كنت من الدهشة حين نبت أول حرف لك على سطر حبري فارغ، وجاء برائحة الندى الصباحي يحط كالسنون على رسائل هاتفي المكتظة.
كان لقاؤنا الحبري غريباً جاء مختلفاً محملاً بالكثير من الهطول الكتابية الذي أحدث ضجيجاً في فراغات الأقلام المعتكفة قرابة الشهر، وملأ الصدى بزحام الأحرف المتدفقة كالنبع.
جاء بعد صوم حبري على طول الأيام الباردة، والجامدة التي علقت في جلابيب صوتي ككتلة ثلج تكبر شيء فشيء، وتتدحرج حتى الأطراف.
هذا اللقاء جاء شاملاً لتلك الأحرف الصماء التي كانت عصية حتى الرمق الأخير من البوح
الآن، وبعد هذه المدة تصادف توقف المطر مع انفراجة بصيصة لقلم وهو يستيقظ ببطء على سرير الورق.
ربما أفسح السيل لتلك الأحرف الكتابية أن تتفتح في حقل السطر بعد هطول تناوب بين الحضور المبهر، وبين الغياب الخافت.....
إن السعادة التي تأتي بها الأبجدية بعد اعتكافها الغامض ليس بالشيء البسيط؛ ربما يتعين علي أن أبتهج على هيئة كتابة رسالة إليك.